بمخالفته، ولذا قيدنا إنكار الضروري بكون ضروريته معلومة للمنكر.
والأخبار - وإن كان مفادها أعم من المدعى لشمولها مطلق المخالف لما هو من الدين - ضروريا كان أو نظريا، عالما بضروريته أو جاهلا، قاصرا كان الجاهل أو مقصرا، لعموم العنوان المستفاد منها من الخروج عن الدين - إلا أن ذلك لا ينافي خروج ما خرج بالدليل من المخالفة في النظريات لجواز الاجتهاد فيها وتنزيل مؤداه منزلة الواقع لأن هذا التنزيل أيضا مما جاء به النبي، فيبقى تحت العموم.
ويفترقان عن القول بالسببية المستقلة تعبدا المنسوب إلى الأكثر في انكار ضروري المذهب ممن كان من أهله، فيحكم بكفره عليهما، ولا يحكم به على الأول لانحصار السبب حينئذ بما إذا كان المنكر ضروري الاسلام لوقوع الاقتصار في معقد إجماعهم على ذلك، فلا يتسرى إلى غيره من ضروري المذهب.
وإن كان لا يبعد تنزيل إطلاق كلامهم أيضا على صورة الاطلاع على كونه ضروري الاسلام، فيرجع مستندهم حينئذ إلى الوجه الذي ذكرناه:
من استلزامه الخروج عن الدين. وإن افترقا في اختصاص الضروري بضروري الاسلام أو تعميمه لضروري كل مذهب بالنسبة إلى أهله (1) لا يقال: المنكر لشبهة غير المطلع على ضرورية المنكر - بالفتح - على ما ذكرنا من الوجه محكوم بكفره لصدق عنوان (الخروج عن الدين) عليه، وحينئذ فالتقييد بالاطلاع: إما لغو أو يوجب عدم الخروج.
لأنا نقول: إن مرجع التقييد إلى تقييد سببية إنكار الضروري الذي هو محل الكلام بالاطلاع، لا حصر وجه الخروج عن الدين به، فلا ينافي كفره بسبب آخر.
ولعل وجهه هو إمكان اجتهاده بغير تقصير في الفحص عن طلب الحق.