قريب العهد بالدين، ولم ينشأ بين أهله، فلو كان لشبهة لا يحكم بكفره وذلك لأن الحكم بكفر منكر الضروري كالصلاة إنما هو باعتبار أن كل من نشأ بين المسلمين وعاشرهم يعلم بديهة وجوب الصلاة في شرعنا وإخبار نبينا به، فانكاره لا يحتمل أن يكون باعتبار إنكار إتيان النبي صلى الله عليه وآله به، بل ليس منشأه إلا عدم الايمان بالنبي والتصديق به، وإن كان يظهر الايمان، ويقول بحسب الظاهر أن النبي لم يحكم بوجوبه، فإن ذلك للتقية أو نحوها. وأما في الباطن فلم يؤمن، وليس منشأ الانكار إلا ذلك، وظاهر أن هذا إنما يتمشى مع عدم الشهبة - كما ذكرنا - إذ من كان قريب العهد والصحبة بالاسلام والمسلمين ونشأ في بلاد الكفر بلا اطلاع منه على عقائد المسلمين، فربما خفي عليه بعض ضروريات الاسلام وإخبار النبي صلى الله عليه وآله فلو أنكره لم يعلم من إنكاره إنكار النبي فتفطن " وفي (شرح المفاتيح) للوحيد ما نصه: " إن كل من أنكر ضروري الدين يكون خارجا عنه عند الفقهاء إذا لم يحتمل فيه الشبهة إلا أن يكون قريب العهد بالاسلام أو ساكنا في بلاد الكفر معيشا فيها بحيث أمكن في شأنه عروض الشبهة " انتهى.
قلت: ولعل الذي ألجأ هؤلاء إلى ما ذكروه، هو عدم الدليل على سببية العنوان المتقدم بنفسه للكفر، فالتجأوا إلى إرجاعه إلى حيثية استلزامه لعدم تصديق النبي أو تكذيبه الذي لا شك في سببيته له، ولذا قيدوا الانكار بما يستلزم ذلك من عدم احتمال الشبهة، وجعلوه وهو الوجه في ذلك.
وهنا وجه آخر، لعله أولى بالركون إليه يجتمع مع الوجه المذكور ويفترق عنه، وهو: إن إنكار الضروري مستلزم لتحقق عنوانه الخروج عن الدين الذي لا شك في سببيته للكفر، ضرورة أن التدين بدين الاسلام