منجز في حقه التكليف كالنائم، لا أنه غير مكلف به أصلا كالصغير والمجنون، فحرمة شرب الخمر - مثلا - مكلف بالتدين بها القاصر، وإن لم يكن - لقصوره - منجزا عليه، وهو متدين به أيضا بالنحو الاجمالي بتصديقه النبي صلى الله عليه وآله فإذا استحل شربه ودان به خرج عما تدين به أولا بالاجمال وبه يحكم بكفره، وإن لم يشربه. نعم لو شرب مع ذلك عوقب من حيث الكفر بالاستحلال، ومن حيث العمل أيضا، ولو لم يشرب عوقب من حيث الكفر دون العمل، لعدم الشرب. لكن القاصر إن فرض تحققه لا يؤاخذ بشئ من ذلك، وإن حكم بكفره لصدق الخروج عن الدين عليه، والكفر ملازم لمخالفة أصل التكليف دون تنجزه.
فظهر بما ذكرنا مواقع التأمل في كلامه - قدس سره - اللهم إلا أن يفرق في القاصر بين المستحل المتدين به، وغير المتدين المنبعث بناؤه عن مجرد عدم المعرفة بدعوى خروج الثاني عن مفاد الأخبار، بتقريب: أن القاصر كما ذكرنا - متدين بالحكم الفرعي الواقعي إجمالا، وإن لم يعرفه تفصيلا، ولذا كان مسلما بمحض التصديق الاجمالي الشامل لجميع الأحكام التي منها ما استحله، غير أن الاستحلال (مرة) يكون لعدم المعرفة بكونه حراما لعدم تطرق الحرمة في ذهنه والبناء على الإباحة العقلية (وأخرى) بأن يتدين بالاستحلال ويتخذه دينا له، لا مجرد الجواز الذي يبنى على ما لم يعلم دليل الحرمة، والذي يوجب الخروج إنما هو الثاني لزوال ما تدين به أولا - ولو اجمالا - بعروض التدين بالثاني. ولا كذلك الأول لبقاء التدين الاجمالي معه، وإن بنى على الجواز لعدم المعرفة بأنه من مصاديق ما تدين به إجمالا، فالخطأ - هنا - إنما هو في الصغرى، وإلا فهو باق على تدينه به في ضمن تدينه بأحكام النبي صلى الله عليه وآله، ولذا وقع التقييد بما إذا دان به في جملة من الأخبار المتقدمة المحمول عليها الباقي