بلغة الفقيه - السيد محمد بحر العلوم - ج ٤ - الصفحة ١٨٢
(المقدمة الثانية في الموانع وهي أمور) (الأول) الكفر. وهو: مقابل الايمان (1) الذي هو التصديق
(1) الذي يستعرض كتب اللغة والتفسير والعقائد وبعض كتب الأخبار في هذا الشأن يلمس الايجابية في حقيقة الكفر ودخل عدم الايمان في ذلك ففي القاموس - مثلا - يعرفه بأنه ضد الايمان. وكذلك غيره من كتب اللغة فإن عامتهم يأخذون في حقيقته: الجحد والمعاندة والتغطية أيضا. وكذلك نلمس المقابلة واضحة في تعاريف الكفر والايمان معا الواردة على ألسنة أهل التفسير والعقائد والحديث، ففي التجريد للخاجة نصير الطوسي: " والايمان التصديق بالقلب واللسان - إلى قوله - والكفر عدم الايمان إما مع الضد أو بدونه. " وفي شرحه للعلامة الحلي: " الكفر في اللغة هو التغطية، وفي العرف الشرعي هو عدم الايمان إما مع الضد، بأن يعتقد فساد ما هو شرط في الايمان، أو بدون الضد كالشاك الخالي من الاعتقاد الصحيح والباطل " وتتضح المقابلة أكثر لو استعرضنا بعض الآيات والروايات في المقام كقوله تعالى:
" ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ".
وقول الإمام الصادق (ع) - كما في أصول الكافي -: " الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه، فمنها كفر الجحود، والجحود على وجهين وكفر النعم، والكفر بترك ما أمر الله، وكفر البراءة: " فالمقابلة بين الكفر والايمان إيجابية واضحة حتى كأنهما - أو هما - من المعاني المتضايفة التي يدخل أحدهما في تعريف الآخر كالفوقية والتحتية، والإمامية والورائية ونحوهما الأمر الذي يعطى أن تقابلهما من باب العدم والملكة أو الضدين، لا من باب السلب والايجاب - كما قيل -، فهي مقابلة بالمعنى الأخص. وقد تكون المقابلة بين الكفر والاسلام، ولكن لا على هذا الغرار، بل بالمعنى الأعم أي مقابلة السلب والايجاب.
وبالجملة: فقد يراد بالكفر: ما يقابل الاسلام من حيث ترتيب الآثار الشرعية: من النجاسة والهدر وقطع المناكحات والتوارث ونحوهما مما يترتب على محض اظهار الاسلام. وملاكه: إنكار ما يعتبر في حقيقة الاسلام بالمعنى الأعم من الاعتراف بالشهادتين والمعاد. وقد يراد بالكفر: ما يقابل الايمان الذي هو الاسلام بالمعنى الأخص -: من الاعتراف بجميع ما يعتبر في الاسلام وزيادة الإمامة والعدل ونحوهما من ركائز الايمان - كما هي مدرجة في كتب العقائد -. وقد لا يستلزم انكار ذلك ترتب الآثار الشرعية المذكورة ظاهرا: من النجاسة ونحوها " ولكنه معدود في الآخرة من الكافرين.