وأما النواهي عن إطعامهم والصدقة عليهم، فمحمولة على ضرب من التجوز أو الكناية عن الترفع عنهم وترك مخالطتهم بما ينجر إلى الموادة لهم، وإلا فالترحم عليهم لكونهم مخلوقين لله حسن، كيف لا ولكل كبد حرى أجر.
نعم ربما يشكل في الحربي بأن مقتضى جواز مزاحمته في ماله عدم وجوب التسليم إليه على الوصي ولا نعني بالبطلان إلا ذلك. والجواب عنه - أولا - بأن عدم التسليم منبعثا عن جواز الأخذ غيره منبعثا عن عدم العمل بالوصية، والتبديل إنما يتحقق في الثاني دون الأول، بل لعل الأخذ بذلك العنوان هو عين العمل بالوصية - وثانيا - لا يضرنا الالتزام بوجوب التسليم له، وإن جاز الأخذ منه بعده، تقديما لأدلة الوصية على ما دل على جواز التغلب عليه: إما لحكومتها عليه، أو ترجيحا لها باستدلال الرضا (ع) في صحيحة (الريان) المتقدمة، وغير ذلك.
(المسألة الرابعة) الأقوى عدم صحة الوصية لمملوك الغير، وإن أجاز المالك: من غير فرق بين القن والمدبر وأم الولد والمكاتب، ما لم يتحرر بعضه، فإن تحرر أعطي منها بحسابه.
لا لما ذكره في (الروضة) من " إن العبد لا يملك بتمليك سيده فبتمليك غيره أولى " (1) لما فيه: من أن المانع من تمليك المولى لعبده إنما هو عدم تعقل تمليك الانسان مال نفسه لنفسه، وهو مفقود في تمليك عبد الغير، بل لعل الأولوية بالعكس، لجواز وصية المولى لعبد نفسه - كما ستعرف - فتنفذ الوصية لعبد الغير بالأولوية.