مصدرا لكان إقراضا. وأما قرضته قرضا فمعناه جازيته، وأصل القرض في اللغة القطع. وقال الأخفش في قوله تعالى " يقرض " أي يفعل فعلا حسنا في اتباع أمر الله وطاعته. والعرب تقول لكل من فعل إليه خيرا: قد أحسنت قرضي، وقد أقرضتني قرضا حسنا. في الحديث: " أقرض من عرضك ليوم فقرك " يقول: إذا اقترض عرضك رجل فلا تجازه ولكن استبق أجره موفورا لك قرضا في ذمته منه يوم حاجتك إليه. وقوله تعالى: " وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال " (1) في الصحاح: قال أبو عبيدة، كذا في أكثر النسخ، وفي بعضها: أبو عبيد: أي تخلفهم شمالا، وتجاوزهم وتقطعهم وتتركهم على شمالها نقله الجوهري، وقد تقدم ما يتعلق به قريبا، عند قوله: قرض المكان: عدل عنه وتنكبه، ولو ذكر الآية هناك كان أحسن وأشمل.
وقرض الرجل، كسمع: زال من شيء إلى شيء، عن ابن الأعرابي، نقله الصاغاني، وصاحب اللسان، وقد تقدم عنه أيضا قرض، بالكسر، إذا مات، فالمصنف فرق قوليه في محلين. والمقارض: الزرع القليل، عن ابن عباد، قال: وهي أيضا المواضع التي يحتاج المستقي إلى أن يقرض، أي يميح الماء منها. قال: وشبه مشاعل ينبذ فيها، ونحوها من أوعية الخمر، قال: والجرار الكبار: مقارض، أيضا.
وأقرضه المال وغيره: أعطاه إياه قرضا، قال الله تعالى: " وأقرضوا الله قرضا حسنا " (2) ويقال: أقرضت فلانا، وهو ما تعطيه ليقضيكه، ولم يقل في الآية إقراضا، إلا أنه أراد الاسم، وقد تقدم البحث فيه قريبا. وقال الشاعر:
فيا ليتني أقرضت جلدا صبابتي * وأقرضني عن الشوق مقرض وأقرضه: قطع له قطعة يجازي عليها، نقله الصاغاني، وقد يكون مطاوع استقرضه.
والتقريض مثل التقريظ: المدح أو الذم، فهو ضد. ويقال التقريض في الخير والشر، والتقريظ في المدح والخير خاصة، كما سيأتي.
وانقرضوا: درجوا كلهم، وكذلك قرضوا، وعبارة الصحاح: وانقرض القوم: درجوا ولم يبق منهم أحد فاختصرها بقوله: كلهم، وهو حسن.
واقترض منه، أي أخذ القرض.
واقترض عرضه: اغتابه لأن المغتاب كأنه يقطع من عرض أخيه. ومنه الحديث: " عباد الله، رفع الله عنا الحرج إلا من اقترض امرأ مسلما " وفي رواية: " من اقترض عرض مسلم ". أراد قطعه بالغيبة والطعن عليه والنيل منه، وهو افتعال من القرض.
والقراض والمقارضة، عند أهل الحجاز: المضاربة، ومنه حديث الأزهري: " لا تصلح مقارضة من طعمته الحرام " كأنه عقد على الضرب في الأرض والسعي فيها وقطعها بالسير. من القرض في السير وقال الزمخشري (3): أصلها من القرض في الأرض وهو قطعها بالسير فيها. قال: وكذلك هي المضاربة أيضا من الضرب في الأرض. وفي حديث أبي موسى: " اجعله قراضا " وصورته، أي القراض، أن يدفع إليه مالا ليتجر فيه، والربح بينهما على ما يشترطان، والوضيعة على المال، وقد قارضه مقارضة، نقله الجوهري هكذا.
وقال أيضا: هما يتقارضان الخير والشر، وأنشد قول الشاعر:
إن الغنى أخو الغني وإنما * يتقارضان ولا أخا للمقتر وقال غيره: هما يتقارضان الثناء بينهم، أي يتجازيان. وقال ابن خالويه: يقال: يتقارظان الخير والشر. بالظاء أيضا، وقال أبو زيد: هما يتقارظان المدح، إذا مدح كل واحد منهما صاحبه ومثله يتقارضان، بالضاد، وسيأتي. قال الجوهري: والقرنان يتقارضان النظر، أي ينظر كل منهما إلى صاحبه شزرا. قلت: ومنه قول الشاعر:
يتقارضون إذا التقوا في موطن * نظرا يزيل مواطئ الأقدام أراد ينظر بعضهم إلى بعض بالعداوة والبغضاء. وكانت (1) سورة الكهف الآية 17.
(2) سورة المزمل الآية 20.
(3) انظر الفائق 2 / 339.