أن أشرب من مائها، وأنا اشتريتها، حتى إني ما أفطر إلا على ماء البحر؟ ألستم تعلمون أنكم نقمتم علي أشياء، فاستغفرت الله وتبت إليه منها، وتزعمون أني غيرت وبدلت، فابعثوا علي شاهدين مسلمين، وإلا فأحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما كتبت الكتاب، ولا أمرت به، ولا أطلعت عليه، يا قوم: (لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو صالح) [هود: 89] يا قوم لا تقتلوني فإنكم إن قتلتموني كنتم هكذا، وشبك بين أصابعه، يا قوم إن الله رضي لكم السمع والطاعة، وحذركم المعصية والفرقة، فاقبلوا نصيحة الله، واحذروا عقابه، فإنكم إن فعلتم الذي أنتم فاعلون، لا تقوم الصلاة جميعا، ويسلط عليكم عدوكم، وإني أخبركم أن قوما أظهروا للناس أنهم يدعونني إلى كتاب الله تعالى والحق، فلما عرض عليهم الحق رغبوا عنه وتركوه، وطال عليهم عمري، واستعجلوا القدر بي، وقد كانوا كتبوا إليكم، أنهم قد رضوا بالذي أعطيتهم، ولا أعلم أني تركت من الذي عاهدتهم عليه شيئا، وكانوا زعموا أنهم يطلبون الحدود، وترك المظالم، وردها إلى أهلها، فرضيت بذلك، وقال: يؤمر عمرو بن العاص، وعبد الله بن قيس، ومثلهما من ذوي القوة والأمانة، وكل ذلك فعلت، فلم يرضوا، وحالوا بيني وبين المسجد، فابتزوا ما قدروا عليه بالمدينة وهم يخيرونني بين إحدى ثلاث: إما أن يقيدوني بكل رجل أصبت خطأ أو عمدا، وإما أن أعتزل عن الأمر، فيؤمروا أحدا، وإما أن يرسلوا إلى من أطاعهم من الجنود وأهل الأمصار (1)، فأرسلوا إليكم فأتيتم لتبتزوني من الذي جعل الله لي عليكم من السمع والطاعة، فسمعتم منهم، وأطعتموهم والطاعة لي عليكم دونهم، فقلت لهم: أما إقادة من نفسي فقد كان قبلي خلفاء، ومن يتول السلطان يخطئ ويصيب، فلم يستقد من أحد منهم، وقد علمت أنهم يريدون بذلك نفسي، وأما أن أتبرأ من الأمر (2)، فإن يصلبوني (3) أحب إلي من أن أتبرأ من جنة الله تعالى وخلافته بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لي (4): يا عثمان، إن الله تعالى سيقمصك قميصا بعدي، فإن
(٦٠)