فكتب عثمان إلى علي إذ اشتد الطعن عليه (1) أما بعد فقد بلغ السيل الزبى!
وجاوز الحزام الطبيين. وارتفع أمر الناس في شأني فوق قدره! وزعموا أنهم لا يرضون دون دمي. وطمع في من لا يدفع عن نفسه.
وإنك لم يفخر عليك كفاخر * ضعيف ولم يغلبك مثل مغلب (2) وقد كان يقال: أكل السبع خير من افتراس الثعلب فأقبل علي أولى.
فإن كنت مأكولا فكن خير آكل * وإلا فأدركني ولما أمزق (3) قال حويطب بن عبد العزى: أرسل إلي عثمان حين اشتد حصاره، فقال:
قد بدا لي أن اتهم نفسي لهؤلاء، فأت عليا وطلحة والزبير، فقل لهم: هذا أمركم تولوه، واصنعوا فيه ما شئتم فخرجت حتى جئت عليا، فوجدت على بابه مثل الجبال من الناس، والباب مغلق، لا يدخل عليه أحد، ثم انصرفت، فأتيت الزبير، فوجدته في منزله ليس ببابه أحد، فأخبرته بما أرسلني به عثمان، فقال:
قد والله قضى ما عليه أمير المؤمنين، هل جئت عليا؟ قلت: نعم، فلم أخلص إليه، فقمنا جميعا، فآتينا طلحة بن عبيد الله فوجدناه في داره وعنده ابنه محمد، فقصصنا عليه ما قال عثمان، فقال: قد والله قضى ما عليه أمير المؤمنين، هل جئتم عليا؟ قلنا: نعم، فلم نخلص إليه. فأرسل طلحة إلى الأشتر، فأتاه فقال لي: أخبره، فأخبرته بما قال عثمان، فقال طلحة وقد دمعت عيناه: قد والله قضى ما عليه أمير المؤمنين، فقام الأشتر فقال: تبعثون إلينا وجاءنا رسولكم بكتابكم، وها هو ذا، فأخرج كتابا فيه (4): بسم الله الرحمن الرحيم، من المهاجرين الأولين وبقية الشورى، إلى من بمصر من الصحابة والتابعين، أما بعد، أن تعالوا إلينا وتداركوا خلافة رسول الله قبل أن يسلبها أهلها، فإن كتاب