الآخر إلا خرج من الدار سالما. فقالوا: إنا إن خرجنا لم نأمن على أنفسنا منهم، فأذن لنا فنكون في موضع من الدار فلما رأى ذلك علي بعث إلى طلحة والزبير وسعد وعمار ونفر من أصحاب محمد، كلهم بدري، ثم دخلوا على عثمان ومعهم الكتاب والغلام والبعير، فقال علي: الغلام غلامك، والبعير بعيرك؟ فقال: نعم. قال: فأنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: لا، وحلف بالله ما كتبت، ولا أمرت، ولا عملت. فقال له: فالخاتم خاتمك؟ قال: نعم. قال:
فكيف يخرج غلامك ببعيرك وكتاب عليه خاتمك لا تعلم به؟ فحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب، ولا وجهت، ولا أمرت (1). فشك القوم في أمر عثمان، وعلموا أنه لا يحلف بباطل. فقال قوم منهم: لا يبرأ عثمان عن قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان، حتى نعرف كيف يأمر بقتل رجال من أصحاب رسول الله، وقطع أيديهم بغير حق، فإن كان عثمان كتبه عزلناه، وإن كان مروان كتبه نظرنا في أمره، وما يكون في أمر مروان، فانصرف القوم عنه، ولزموا بيوتهم، وأبى عثمان أن يخرج إليهم مروان، وخشي عليه القتل. فبلغ عليا أن عثمان يراد قتله، فقال: إنا أردنا مروان، فأما قتل عثمان فلا، ثم قال للحسن والحسين:
اذهبا بسيفيكما حتى تقوما على باب عثمان، ولا تدعا أحدا يصل إليه، وبعث الزبير ابنه على كره، وبعث طلحة ابنه كذلك (2)، وبعث عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبناءهم، يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان.
ويسألوه أن يخرج مروان، فأشرف عليهم عثمان من أعلى القصر، فقال: يا معشر المسلمين، أذكركم الله، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب دار بني فلان، ليوسع بها للمسلمين في مسجدهم. فاشتريتها من خالص مالي. وأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيه. أذكركم الله يا معشر المسلمين. ألستم تعلمون أن بئر رومة كانت تباع القربة منها بدرهم. فاشتريتها من خالص مالي، فجعلت رشائي كرشاء واحد من المسلمين، وأنتم تمنعونني