القضاء، فإن تعين عليه حرم مع الكفاية، لأنه يؤدي فرضا قد تعين عليه، وإن لم يكن له كفاية حل له، لأن عليه فرضا وهو التكسب وفرضا آخر وهو القضاء، فإذا أخذ الرزق جمع بين الفرضين، لأن الرزق يقوم مقام التكسب، فكان الجمع بين الفرضين أولى من اسقاط أحدهما (1)، انتهى.
وظاهر إطلاق الاجماع الذي ادعاه: عدم الفرق بين وجدان الكفاية وعدمه، بل استشهاده يدل على القطع بإرادة هذا الفرد من معقد الاجماع.
وأما عدم الجواز مع الغنى والتعين، فلعدم المصلحة فيه، لعدم جواز التقاعد عنه حتى يكون الرزق داعيا إليه، بل التقاعد عنه إلى أن يعطى الرزق حينئذ موجب للفسق المخرج عن أهلية القضاء.
وكذا يجوز إعطاء القاضي الغني إذا علم أن يتطوع بالقضاء من دون التماس رزق، فإن وجد متطوعا لم يجز له اعطاء من يطلب عليه الرزق، كما صرح به في المبسوط (2) والسرائر (3)، فإطلاق بعضهم جواز إعطاء الغني محمول على ذلك.
ومما يدل على جواز إعطاء الرزق للقضاة: رواية حماد الطويلة الواردة في الخمس وغيره من حقوق الله وفيها: " وأما الأرضون التي أخذت عنوة فهي موقوفة متروكة في يد من يعمرها أو يحييها - ثم ذكر الزكاة وحصة العمال، إلى أن قال -: ويؤخذ الباقي فيكون أرزاق أعوانه على دين الله وفي مصلحة ما ينويه من تقوية الاسلام وتقوية الدين في