قطعا، لأنه إما مخير بين القضاء والكسب، وإما أن يتعين عليه التكسب.
والأقوى جواز أخذ الجعل حينئذ على وجه الاستنقاذ لا المعاوضة، بل يمكن القول بجواز المعاوضة أيضا، لأن الفرض قابلية الفعل للتملك به ذاتا، وعدم جريان ما ذكرنا من الموانع حتى إطلاقات الاجماعات والأخبار، لاختصاص معاقد الاجماع بصورة التعين وإن كان مرادهم به مقابل الكفائي لا التخييري، وانصراف الأخبار إلى غير الفرض.
ومما ذكرنا يظهر إمكان الفول بجواز أخذ الجعل فيما إذا لم يتعين عليه إذا لم يقدر على كفاية له كما هو أحد القولين، بل عن بعض شراح المفاتيح (1) نسبة الجواز إلى المشهور مطلقا حتى مع الكفاية، وعن المفيد (2) والقاضي (3) إطلاق الجواز مع الكراهة، ولعله لما ذكرنا من عدم الدليل على المنع عن أخذ الجعل على الواجب إذا لم يتعين، لأنه لعدم تعينه كالمباح، ولذا جاز أخذ الجعل على الجهاد، والرواية الأولى من الروايات ظاهرة بل صريحة في صورة تعين القضاء، والثانية منصرفة منصرفة إليه كالثالثة الضعيفة.
وربما يستدل على الجواز بأنه لو تعدد القاضي واشتركوا في الضرورة فإن لم يجز لهم الأخذ لزم تعطيل الأحكام إن امتنعوا من الحكم واشتغلوا بالتكسب لمعاشهم، وإن اشتغلوا أو بعضهم بالقضاء عن التكسب لزم الضرر أو التكليف بما لا يطاق.
وفيه: أن فرض اشتراك الكل في الضرورة مستلزم لايجاب القضاء