ويؤيد ما ذكرنا من اطلاق الحكم في المسألة، بل يدل عليه: رواية يوسف بن جابر عن أبي جعفر عليه السلام: " لعن رسول الله صلى الله عليه وآله من نظر إلى فرج امرأة لا تحل له، ورجلا خان أخاه في امرأته، ورجلا احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة " (1)، فإن الظاهر أن المراد بالرشوة المسؤولة هو الأجر على الفتوى والقضاء.
ونحوها صحيحة ابن سنان: " عن قاض يأخذ من السلطان على القضاء الرزق، قال: ذلك السحت " (2) بناء على أن المراد بالرزق على القضاء الأجر عليه، وأن القاضي يشمل القاضي الجامع للشرائط، لا ما هو الغالب في قضاة ذلك الزمان.
والمروي في الخصال أن السحت أنواع كثيرة، وعد منها: أجور القضاة (3).
ثم ظاهر اطلاق ما تقدم: حرمة الجعل، حتى فيما إذا لم يحصل له كفاية من محل آخر - كتبرع متبرع أو بيت مال موجود أو مال آخر للفقراء - ولو يوجد من يجبره الحاكم على الانفاق عليه، لكن يعارض وجوب القضاء حينئذ وجوب التكسب، والترجيح لوجوب التكسب.
وهل يجوز حينئذ أن يأخذ الجعل جمعا بين الواجبين؟ وجهان:
من إطلاق ما ذكر من الوجوه، ومن أن القضاء حينئذ غير متعين عليه