ولا فرق في ذلك بين الغفلة عن نفس ذلك الدليل الموجود كما إذا غفل عن وجود الخبر الصحيح، وبين الغفلة عن دليل اعتباره كما لو أنكر أحد حجية الخبر الصحيح في مثل هذا الزمان، مقتصرا في الفقه على الكتاب والسنة المتواترة والاجماع، مستندا في غير مواردها إلى الأصول العملية ونظيره إنكار مفهوم الموافقة، بل منصوص العلة في بعض المقامات، بخلاف ترجيح أحد المتعارضين على الآخر، أو الاجتهاد في مقابل أصل البراءة، فإن خطأ المجتهد في ذلك لا يعد تقصيرا واشتباها، وإن كان قد يتفق الاشتباه والتقصير في ذلك أيضا، إلا أنه لا يعلم ذلك إلا إذا كان هو الحاكم الثاني، أو أقر به الأول عند الثاني. وهذا بخلاف القسم الأول فإن مجرد وجود ذلك الدليل الواضح دليل على تقصيره في الاجتهاد.
وقد حمل في المسالك (1) على ما ذكرنا من الصورتين السابقتين عبارة الشرائع، وهي: " أنه إذا قضى الحاكم الأول على غريم بضمان مال فأمر بحسبه، فعند حضور [الثاني] (2) ينظر فإن كان موافقا للحق ألزم (3)، وإلا أبطله سواء كان مستند الحكم قطعيا أو اجتهاديا (4)، انتهى.
وكأن الداعي على هذا الحمل ما اشتهر بين المتأخرين عن المصنف قدس سره من أن الحكم الناشئ عن الظن الاجتهادي لا ينقض به