الأوس فحملوه على حمار. وجعلوا وهم حوله يقولون له: يا أبا عمرو! إن رسول الله قد ولاك أمر مواليك لتحسن فيهم فأحسن، فقد رأيت ابن أبي وما صنع من حلفائه، وأكثروا في هذا وشبهه، وهو لا يتكلم، ثم قال: قد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم. فقال الضحاك بن خليفة بن ثعلبة بن عدي بن كعب بن عبد الأشهل الأنصاري: وا قوماه! وقال غيره منهم نحو ذلك. ثم رجع إلى الأوس فنعى لهم قريظة. فلما جاء سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس حوله قال: قوموا إلى سيدكم! فقاموا له على أرجلهم صفين يحييه كل منهم (ويقال: إنما عني صلى الله عليه وسلم بقوله: " قوموا لسيدكم " الأنصار دون قريش). وقالت الأوس الذين حضروا:
يا أبا عمرو! إن رسول الله قد ولاك فأحسن فيهم، واذكر بلاءهم عندك. فقال سعد: أترضون بحكمي لبني قريظة؟ قالوا: نعم، فأخذ عليهم عهد الله وميثاقه أن الحكم ما حكم، ثم قال: فإني أحكم فيهم أن يقتل من جرت عليه المواسي، وتسبى النساء والذرية، وتقسم الأموال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد حكمت بحكم الله من فوق سبع أرقعة (1).
خبر بني قريظة بعد حكم سعد وما جرى في قتلهم فأمر بالسبي فسيقوا إلى دار أسامة بن زيد، والنساء والذرية إلى دار ابنة الحارث، وقد اختلف في اسمها، فقيل: كيسة بنت الحارث بن كريز بن (ربيعة) (2) بن حبيب بن عبد شمس، وكانت تحت مسيلمة الكذاب، ثم خلف عليها عبد الله بن عامر بن كريز، وأمر بأحمال التمر فنثرت على بني قريظة، فباتوا يكدمونها كدم الحمر (3). وأمر بالسلاح والأثاث والمتاع والثياب فحمل، وبالإبل والغنم فتركت (4) هناك ترعى الشجر، ثم غدا صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في يوم الخميس السابع من ذي الحجة والأسرى معه، وأتى إلى السوق، فأمر بخدود فخدت (5)،