أنا فكدت أهلك، فتماسك واتبعت البصر حيث تذهب السحابة، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم رجعت وليس فيها شئ مما كنت أسمع.
وقال أبو رهم الغفاري عن ابن عم له: بينا أنا وابن عم لي على ماء بدر - فلما رأينا قلة من مع محمد وكثرة قريش - قلنا: إذا التقت الفئتان عمدنا إلى معسكر محمد وأصحابه، فانطلقنا نحو المجنبة اليسرى من أصحابه ونحن نقول: هؤلاء ربع قريش. فبينما نحن نمشي في الميسرة إذ جاءت سحابة فغشيتنا، فرفعنا أبصارنا إليها، فسمعنا أصوات الرجال والسلاح، وسمعنا رجلا يقول لفرسه: أقدم حيزوم، وسمعناهم يقولون: رويدا تتام أخراكم. فنزلوا على ميمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاءت أخرى مثل (ذلك) (1) فكانت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنظرنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإذا هم الضعف على قريش فمات ابن عمي، وأما أنا فتماسكت وأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم وحسن إسلامه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رؤي الشيطان يوما (هو) فيه أصغر ولا أحقر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفة - وما ذلك إلا لما يرى من تنزل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام - إلا ما رؤي يوم بدر، وقيل: ما رأى يوم بدر، قال: أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة. وقال صلى الله عليه وسلم يومئذ: هذا جبريل يسوق الريح كأنه دحية الكلبي، إني نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور. وقال عبد الرحمن بن عوف: رأيت يوم بدر رجلين، عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما، وعن يساره أحدهما، يقاتلان أشد القتال، ثم يليهما ثالث من خلفه، ثم ربعهما رابع أمامه. وعن صهيب: ما أدري كم يد مقطوعة أو ضربة جائفة (3) لم يدم كلمهما (4) - يوم بدر - قد رأيتها. وعن أبي بردة بن نيار قال: جئت يوم بدر بثلاثة رؤوس فوضعتهم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أما رأسان فقتلتهما، وأما الثالث فإني رأيت رجلا أبيض طويلا ضربه فتدهدى (5) أمامه فأخذت رأسه، فقال صلى الله عليه وسلم: ذاك فلان من الملائكة. وكان ابن عباس يقول: لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر. وعن ابن عباس: كان الملائك يتصور في صورة من