من فوره في الجيش إلى الفرنج (1) فإذا الامر قد تزايد، وتمكنوا من البلدان وقتلوا خلقا وغنموا كثيرا، وعاثت الاعراب التي هنالك على أموال الناس، فكانوا أضر عليهم من الفرنج، فنزل الكامل تجاه الفرنج يمانعهم عن دخولهم إلى القاهرة بعد أن كان يمانعهم عن دخول الثغر، وكتب إلى إخوانه يستحثهم ويستنجدهم ويقول الوحا الوحا العجل العجل، أدركوا المسلمين قبل تملك الفرنج جميع أرض مصر. فأقبلت العساكر الاسلامية إليه من كل مكان، وكان أول من قدم عليه أخوه الأشرف بيض الله وجهه، ثم المعظم وكان من أمرهم مع الفرنج ما سنذكره بعد هذه السنة.
وفيها ولي حسبة بغداد الصاحب محيي الدين يوسف بن أبي الفرج ابن الجوزي، وهو مع ذلك يعمل ميعاد الوعظ على قاعدة أبيه، وشكر في مباشرته للحسبة. وفيها فوض إلى المعظم النظر في التربة البدرية تجاه الشبلية عند الجسر الذي على ثور، ويقال له جسر كحيل، وهي منسوبة إلى حسن بن الداية، كان هو وإخوته من أكابر أمراء نور الدين محمود بن زنكي، وقد جعلت في حدود الأربعين وستمائة جامعا يخطب فيه يوم الجمعة. وفيها أرسل السلطان علاء الدين محمد بن تكش إلى الملك العادل وهو مخيم بمرج الصفر رسولا، فرد إليه مع الرسول خطيب دمشق جمال الدين محمد بن عبد الملك الدولعي، واستنيب عنه في الخطابة الشيخ الموفق عمر بن يوسف خطيب بيت الابار، فأقام بالعزيزية يباشر عنه، حتى قدم وقد مات العادل.
وفيها توفي الملك القاهر (2) صاحب الموصل. فأقيم ابنه الصغير (3) مكانه. ثم قتل وتشتت شمل البيت الأتابكي، وتغلب على الأمور بدر الدين لؤلؤ غلام أبيه. وفيها كان عود الوزير صفي الدين عبد الله بن علي بن شكر من بلاد الشرق بعد موت العادل، فعمل فيه علم الدين مقامة بالغ في مدحه فيها، وقد ذكروا أنه كان متواضعا يحب الفقراء والفقهاء، ويسلم على الناس إذا اجتاز بهم وهو راكب في أبهة وزارته، ثم إنه نكب في هذه السنة، وذلك أن الكامل هو الذي كان سبب طرده وإبعاده كتب إلى أخيه المعظم فيه، فاحتاط على أمواله وحواصله، وعزل ابنه عن النظر من الدواوين، وقد كان ينوب عن أبيه في مدة غيبته. وفي رجب منها أعاد المعظم ضمان القيان والخمور والمغنيات وغير ذلك من الفواحش والمنكرات التي كان أبوه قد أبطلها، بحيث إنه لم