سالم وغانم ومسعود ومحمود، وقد يكون ذلك على الضد والعكس في هذه الأسماء، فلا يكون سالما ولا غانما ولا مسعودا ولا محمودا، وكذلك اسم العادل ونحوه من أسماء الملوك وألقابهم، والتجار وغيرهم، كما يقال شمس الدين وبدر الدين وعز الدين وتاج الدين ونحو ذلك قد يكون معكوسا على الضد والانقلاب ومثله الشافعي والحنبلي وغيرهم، وقد تكون أعماله ضد ما كان عليه إمامه الأول من الزهد والعبادة ونحو ذلك، وكذلك العادل يدخل إطلاقه على المشترك والله أعلم.
قلت: هذا الحديث الذي احتج به الشيخ أبو عمر لا أصل له، وليس هو في شئ من الكتب المشهورة، وعجبا له ولأبي المظفر ثم لأبي شامة في قبول مثل هذا وأخذه منه مسلما إليه فيه والله أعلم.
ثم شرع أبو المظفر في ذكر فضائل أبي عمر ومناقبه وكراماته وما رآه هو وغيره من أحواله الصالحة. قال: وكان على مذهب السلف الصالح سمتا وهديا، وكان حسن العقيدة متمسكا بالكتاب والسنة والآثار المروية يمرها كما جاءت من غير طعن على أئمة الدين وعلماء المسلمين، وكان ينهى عن صحبة المتبدعين ويأمر بصحبة الصالحين الذين هم على سنة سيد المرسلين وخاتم النبيين، وربما أنشدني لنفسه في ذلك:
أوصيكم بالقول في القرآن * بقول أهل الحق والاتقان ليس بمخلوق ولا بفان * لكن كلام الملك الديان آياته مشرقة المعاني * متلوة لله باللسان محفوظة في الصدر والجنان * مكتوبة في الصحف بالبنان والقول في الصفات يا إخواني * كالذات والعلم مع البيان إمرارها من غير ما كفران * من غير تشبيه ولا عطلان قال وأنشدني لنفسه:
ألم يك ملهاة عن اللهو أنني * بدا لي شيب الرأس والضعف والألم ألم بي الخطب الذي لو بكيته * حياتي حتى يذهب الدمع لم ألم قال ومرض أياما فلم يترك شيئا مما كان يعمله من الأوراد، حتى كانت وفاته وقت السحر في ليلة الثلاثاء التاسع والعشرين من ربيع الأول فغسل في الدير وحمل إلى مقبرته في خلق كثير لا يعلمهم إلا الله عز وجل، ولم يبق أحد من الدولة والامراء والعلماء والقضاة وغيرهم إلا حضر جنازته، وكان يوما مشهودا، وكان الحر شديدا فأظلت الناس سحابة من الحر، كان يسمع منها كدوي النحل، وكان الناس ينتهبون أكفانه وبيعت ثيابه بالغالي الغالي، ورثاه الشعراء بمراث حسنة، ورئيت له منامات صالحة رحمه الله. وترك من الأولاد ثلاثة ذكور: عمر، وبه كان يكنى، والشرف عبد الله وهو الذي ولي الخطابة بعد أبيه، وهو والد العز أحمد. وعبد الرحمن. ولما توفي الشرف عبد الله