منهم إلا بغداد وبعض بلاد العراق، وذلك لضعف خلافتهم واشتغالهم بالشهوات وجمع الأموال في أكثر الأوقات، كما ذكر ذلك مبسوطا في الحوادث والوفيات.
واستمرت دولة الفاطميين قريبا من ثلاثمائة سنة حتى كان آخرهم العاضد الذي مات بعد الستين وخمسمائة في الدولة الصلاحية الناصرية القدسية، وكانت عدة ملوك الفاطميين أربعة عشر ملكا متخلفا، ومدة ملكهم تحريرا من سنة سبع وتسعين ومائتين إلى أن توفي العاضد سنة بضع وستين وخمسمائة، والعجب أن خلافة النبوة التالية لزمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ثلاثين سنة كما نطق بها الحديث الصحيح (1)، فكان فيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم ابنه الحسن بن علي ستة شهور حتى كملت الثلاثون كما قررنا ذلك في دلائل النبوة، ثم كانت ملكا فكان أول ملوك الاسلام من بني أبي سفيان معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، ثم ابنه يزيد، ثم ابن ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية، وانقرض هذا البطن المفتتح بمعاوية المختتم بمعاوية، ثم ملك مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، ثم ابنه عبد الملك، ثم الوليد بن عبد الملك، ثم أخوه سليمان ثم ابن عمه عمر بن عبد العزيز، ثم يزيد بن عبد الملك، ثم هشام بن عبد الملك، ثم الوليد بن يزيد ثم يزيد بن الوليد، ثم أخوه إبراهيم الناقص وهو ابن الوليد أيضا، ثم مروان بن محمد بن مروان الملقب بالحمار، وكان آخرهم، فكان أولهم اسمه مروان وآخرهم اسمه مروان، ثم انقرضوا من أولهم إلى خاتمهم. وكان أول خلفاء بني العباس عبد الله السفاح، وآخرهم عبد الله المستعصم. وكذلك أول خلفاء الفاطميين فالأول اسمه عبد الله العاضد، وآخرهم عبد الله العاضد، وهذا اتفاق غريب جدا قل من يتنبه له، والله سبحانه أعلم. وهذه أرجوزة لبعض الفضلاء ذكر فيها جميع الخلفاء:
الحمد لله العظيم عرشه * القاهر الفرد القوي بطشه مقلب الأيام والدهور * وجامع الأنام للنشور ثم الصلاة بدوام الأبد * على النبي المصطفى محمد وآله وصحبه الكرام * السادة الأئمة الاعلام وبعد فإن هذه أرجوزة * نظمتها لطيفة وجيزة نظمت فيها الراشدين الخلفا * من قام بعد النبي المصطفى ومن تلاهم وهلم جرا * جعلتها تبصرة وذكرى ليعلم العاقل ذو التصوير * كيف جرت حوادث الأمور وكل ذي مقدرة وملك * معرضون للفنا والهلك