(وقيل:) والقائل الشيخ فيما حكي عنه والفاضل في محكي مختلفة (هي جعالة فلا تفتقر إلى قبول، ويكفي البذل) كما يكفي فيها قول من رد عبدي فله درهم ونحوه، (وعلى الأول: فهو لازم كالإجارة) لعموم (1) " أوفوا " (2) و " المؤمنون " والأصل (وعلى الثاني: هو جائز، شرع فيه أو لم يشرع) كالجعالة وإن كان التحقيق خروجه عنهما معا، ضرورة انتفاء جملة من خواص كل منهما فيه، منها - العوض، فإن الظاهر عدم اعتباره فيه، لاطلاق الأدلة وعمومها، بل قد وقع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بدونه.
قال الصادق (صلى الله عليه وآله وسلم) في خبر طلحة بن زيد (3) " أغار المشركون على سرح المدينة، فنادى فيها مناديا سوء صباحاه فسمعها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فركب فرسه في طلب العدو وكان أول أصحابه ولحقه أبو قتادة على فرس له، وكان تحت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سرج دفتاه من ليف ليس فيه أشر وبطر، فطلب العدو فلم يلقوا أحدا، وتتابعت الخيل.
قال: أبو قتادة: يا رسول الله إن العدو قد انصرف، فإن رأيت أن نستبق فقال: نعم فاستبقوا فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سابقا ثم أقبل عليهم فقال: أنا ابن العواتك من قريش إنه لهو الجواد البحر " ومنها عدم معلومية السابق، ومنها عدم رجوع العمل للجاعل إلى غير ذلك مما يظهر بأدنى تأمل، على وجه يقطع بخروج هذا العقد عنهما، وكونه عقدا برأسه، وثاني الشهيدين وإن ذكر ذلك هنا احتمالا لكنه جزم بعد ذلك بخروجه عنهما، كالمحقق الثاني وعليه فرع جملة من الأحكام الخارجة عنهما محتجا عليه بأنه عقد برأسه، بل لعل الأصحاب أجمع كذلك، وإن وقع من بعضهم كونه إجارة أو جعالة، إلا أن مرادهم كالأول في اللزوم، والاحتياج إلى القبول، و كالثاني في الجواز، وعدم الاحتياج إلى القبول العقدي، لا أن المراد كونه فردا منهما، ولذا جعلوا له كتابا مستقلا على نحو غيره من العقود، وأثبتوا له أحكاما لا توافق شيئا من العقدين كما هو واضح.