العقد من حيث كونه عقدا لا صحته بمعنى ترتب الملك عليه فيكون المراد عدم مدخلية القبض في مفهوم الهبة باعتبار أنها عطية، وهي كذلك بل تصدق الهبة، وتتحقق بالعقد، وإن توقف الملك مع ذلك على القبض كما يشهد لذلك جوابه عن مرسل أبان - بعد أن ذكره دليلا للمخالف - بأنا نقول بموجبه بأن الهبة بنفسها لا تنقل الملك بل مع القبض.
نعم العقد صحيح لكنه ليس لازما، وهو ظاهر فيما قلناه إن لم يكن صريحا وكأنه أراد بقوله ليس لازما الرد على ما حكاه عن الشيخ وابن البراج بعد مسائل من أنه إذا مات الواهب قبل الاقباض لا تبطل الهبة، وقام الوارث مقامه كالبيع في مدة الخيار لأنه بعد أن حكى عنهما ذلك قال: والأقرب البطلان لنا أنها عقد جائز قبل القبض فانفسخ بالموت كالوكالة والشركة، وخبر داود بن الحصين الآتي.
قلت: وبه يظهر ما في المسالك وغيرها من جعل ذلك من ثمرات الخلاف فتأمل ثم قال: والفرق ظاهر بينه وبين بيع الخيار لأنه نوع معاوضة بخلاف الهبة خصوصا و الشيخ رحمه الله ذكر خلافا في المبسوط إن الملك هل يحصل من حين القبض أو من حين العقد، ويكون القبض كاشفا، واختار الأول وجعله الصحيح عنده، وهو الذي سمعت من الدروس وحكايته عن الشيخ مستظهرا منه إرادة الصحة من اللزوم فيها، وربما يؤيده أيضا ما عن الخلاف والمبسوط من التصريح بأنه إذا قبض بغير إذن الواهب كان القبض فاسدا بناء على أن ذلك من لوازم كون القبض شرطا في الصحة لا اللزوم، كما عن فخر الاسلام وأبي العباس الاعتراف به بل زاد الثاني منهما البطلان لو مات أحدهما قبل القبض بل عن المبسوط إنه فرع على ما اختار من حصول الملك بالقبض فساده بدون الإذن هذا، ولكن المحكي عنه في الخلاف والمبسوط إنه قال: إذا وهب لغيره عبدا ولم يقبضه حتى هل شوال ثم قبضه فالفطرة على الموهوب له لأن الهبة تنعقد الايجاب والقبول وليس من شرط انعقادها القبض وسنبين ذلك في باب الهبة، وإذا ثبت ذلك ثبت هذه لأن أحدا لم يفرق بينهما وفي أصحابنا من يقول القبض شرط في صحة الهبة وعلى هذا لا فطرة، وتلزم الفطرة - الواهب، وهو