منها لقيه محمد ابن أبي حذيفة في الناس، فلما [رأى] عمرو كثرة من معه أرسل إليه فالتقيا واجتمعا، فقال له: عمرو: إنه قد كان ما ترى وقد بايعت هذا الرجل وتابعته، وما أنا راض بكثير من أمره ولكن له سنا، وإني لأعلم أن صاحبك عليا أفضل من معاوية نفسا وقدما، وأولى بهذا الامر، ولكن واعدني موعدا التقي أنا وأنت (1) فيه على مهل في غير جيش تأتي في مأة راكب ليس معهم إلا السيوف في القرب وآتي في مثلهم.
فتعاقدا وتعاهدا على ذلك، واتعدا العريش [ظ] لوقت جعلاه بينهما، ثم تفرقا ورجع عمرو إلى معاوية، فأخبره الخبر، فلما حل الاجل، سار كل واحد منهما إلى صاحبه في مأة راكب، وجعل عمرو له جيشا خلفه، وكان ابن [أبي] حذيفة يتقدمه فينطوي خبره [كذا] فلما التقيا بالعريش قدم جيش عمرو على أثره، فعلم محمد أنه قد غدر به، فانحاز إلى قصر بالعريش فتحصن فيه، فرماه عمرو بالمنجنيق حتى أخذ [ه] أخذا فبعث به عمرو إلى معاوية فسجنه عنده، وكانت ابنة قرظة امرأة معاوية ابنة عمة محمد ابن أبي حذيفة - أمها فاطمة بنت عتبة بن ربيعة - تصنع له طعاما وترسل به إليه وهو في السجن، فلما سار معاوية إلى صفين، أرسلت ابنة قرظة بشئ فيه مساحل من حديد (2) إلى ابن أبي حذيفة، فقطع بها الحديد عنه، ثم جاء فاختبأ في مغارة بجبل الذيب بفلسطين فدك (3) ينظر عليه