قدم علي الكوفة من صفين لعشر ليال بقين من شهر ربيع الأول، فأقام ستة أشهر يجبي المال ويبعث العمال وينظر في أمور الناس فبينا هو على ذلك والخوارج مقيمون على انكار الحكومة، إذ قدم عليه معن بن يزيد بن الأخنس السلمي من قبل معاوية فقال له: إن معاوية قد وفاه فينبغي لك أن تفي كما وفاه. فبعث علي عبد الله بن عباس وأربعمأة وأبا موسى معهم فكان ابن عباس يصلي بهم ويلي أمورهم وكان أبو موسى الحكم، فنزلوا دومة الجندل، وحضرهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمان بن الأسود الزهري، وعبد الرحمان بن الحرث بن هشام المخزومي، وأبو الجهم ابن حذيفة العدوي، والمغيرة بن شعبة الثقفي وكان معتزلا لأول الامر.
والثبت أن سعدا لم يحضر، وقد حرص ابنه عمر أن يشخص فلم يفعل.
" 419 " المدائني عن أبي الفضل التنوخي، عمن سمع ميمون بن مهران يحدث عمر بن عبد العزيز، قال:
لما أهل هلال شهر رمضان سنة سبع وثلاثين، خرج معاوية من دمشق في أربعمأة حتى نزل دومة الجندل وسرح يزيد بن الحر العبسي إلى علي يعلمه نزوله دومة الجندل ويسأله الوفاء، فأتى عليا فحثه على الشخوص (1) وقال:
إن في حضورك هذا الامر صلاحا ووضعا للحرب واطفاءا للنائرة. فقال علي: يا بن الحر، إني آخذ بأنفاس هؤلاء فإن تركتهم وغبت عنهم كانت الفتنة في هذا المصر أعظم من الحرب بينهم وبين أهل الشام ولكني أسرح أبا موسى فقد رضيه الناس وأسرح ابن عباس فهو يقوم مقامي ولن أغيب عما حضره، ففعل ذلك فبعث إلى ابن عباس فأقدمه من البصرة،