أن الحكم [ان حكمه " خ "] في الزاني والسارق والمرتد وأهل البغي مما لا ينظر العباد فيه ولا يتعقبونه. وقالوا: إن الله يقول: " يحكم به ذوا عدل منكم " [95 / المائدة] فعمرو بن العاص عدل؟ وحكم الله في معاوية وأتباعه أن يقاتلوا ببغيهم حتى يفيئوا إلى أمر الله. فلم يجبه أحد منهم ويقال أجابه ألفا رجل. ويقال: أربعة آلاف رجل.
ثم إن عليا سأل عن يزيد بن قيس الأرحبي فقيل: إنهم يطيفون به ويعظمونه، فخرج علي حتى اتى فسطاطه فصلى فيه ركعتين ثم خاطبهم فقال:
نشدتكم الله هل تعلمون اني كنت أكرهكم للحكومة فيما بيننا وبين القوم، ولوضع الحرب، وأعلمتكم انهم إنما رفعوا المصاحف خدعة ومكيدة، فرد علي رأيي وأمري فشرطت في الكتاب على الحكمين أن يحييا ما أحيا الكتاب، ويميتا ما أمات، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف ما حكما به، وإن أبيا وزاغا فنحن من حكمهما براء، وإنما حكمنا القرآن ولم نحكم الرجال، لان الرجال إنما ينطقون بما بين اللوحين.
قالوا: فلم كتبت اسمك ولم تنسب نفسك إلى إمرة المؤمنين؟ أكنت مرتابا في حقك؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كتب القضية بينه وبين قريش قال [لي]: اكتب: هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو. فقال أهل مكة: لو كنا نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك. فكتب محمد بن عبد الله. قالوا: إنما قلت لنا ما قلت وقد تاب إلى الله من كان منا مائلا إلى الحكومة، وعدلهم إلى المنابذة ونصب الحرب [ظ] فإن تبت وإلا اعتزلناك. قال: فإني أتوب إلى الله وأستغفره من كل ذنب. وقال لهم: ادخلوا مصركم رحمكم الله. فدخلوا من عند آخرهم وبايعوه على إعادة حرب القوم وقالوا: نجبي الخراج ونسمن الكراع ثم نسير إليهم.