الأخذ من غير اللحية والحواجب والأشفار. لأنا نقول: أما ما يستفاد منها من الظهور في ترتيب الأخذ من الحواجب والأشفار بعد أن لم يكن في اللحية بلل فلم أعثر على من أفتى به من الأصحاب، بل جميع من وقفنا على كلامه أو نقل إلينا لم يرتب ذلك، بل قال: أنه إن جف ما على اليد أخذ من اللحية والحواجب والأشفار، كالمفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط وابن إدريس والمصنف والعلامة والشهيد وغيرهم، بل قد يظهر من بعضهم دعوى الاجماع عليه، فيكون ذلك قرينة على عدم إرادة الترتيب في الخبرين ويكون تقديم اللحية لكونها أقرب مظنة لبقاء الماء فيها من غيرها، ويرشد إلى ذلك الأمر بالأخذ من الحواجب إن لم يكن له لحية لامع وجودها وانتفاء البلل عنها، على أنه لو سلمنا ظهورهما في ذلك لكنك قد عرفت أن الخبرين مرسلان لا جابر لهما، فكيف يعمل بهما في ذلك، خصوصا مع ظهور كلمات الأصحاب في خلافهما . وأما الدعوى الثانية وهي جواز الأخذ من غير الثلاثة فهو - مع تصريح بعض الأصحاب وظهور آخر فيه أيضا كظهور الاقتصار في النص والفتوى على الثلاثة في عدم إرادة التقييد منها، بل إنما ذكرت لكونها هي مظان بقاء البلل فيها - يدل عليه قوله (عليه السلام) في الخبر المتقدم: " إن لم يبق من بلة وضوئك شئ أعدت الوضوء " فقد علق الإعادة على عدم بقاء شئ من بلة الوضوء، ودعوى إرادة البلة في المحال الثلاث ممنوعة، فاحتمال الاختصاص بالثلاثة كاحتمال التعدي إلى خصوص بلة الوجه فقط بعيدان.
ثم إن الظاهر من عبارة المصنف هنا اشتراط الأخذ من اللحية ونحوها بجفاف اليد، فلو أخذ مع عدمه بطل الوضوء، كما هو الظاهر من المقنعة والسرائر والمعتبر والمنتهى والقواعد والتحرير والإرشاد والدروس والذكرى وعن المبسوط والتذكرة وغيرها، لكنه قال في المدارك: " الظاهر أنه لا يشترط في الأخذ من هذه المواضع جفاف اليد، بل يجوز مطلقا: والتعليق في عبارات الأصحاب مخرج مخرج الغالب "