وبكير وغيرهما ممن حكي لهم وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بل حكاية غيره كالبدأة بالأعلى مثلا في الوجه ونحوه وعدم حكايته تشعر بعدم وجوبه، ومثله في ذلك مكاتبة علي بن يقطين المشهورة (1)، وقول الصادق (عليه السلام) في صحيح حماد ابن عثمان (2): " لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا " كما رواه الشيخ في المقام كذلك، والمحقق في المعتبر، والعلامة في المنتهى والمختلف، والمحقق الثاني في جامع المقاصد، والسيد في المدارك، وكشف اللثام وصاحب الحدائق، وعن التنقيح وصاحب الذخيرة وغيرهم، هو العمدة في المقام، مع اعتضاده بما سمعت من دعوى الشهرة، بل هي محصلة.
وأقصى ما يستند إليه للثاني - مضافا إلى ما سمعت من دعوى الاجماع المعتضد بالشهرة المدعاة من مثل الشهيد ونسبته إلى الأكثر منه ومن المرتضى، وقد سمعت ما حكاه عنه في المختلف - أن الشغل اليقيني يستدعي البراءة اليقينية، وهو ليس إلا في المسح مقبلا، مع أن المحكي من الوضوءات وإن اشتملت على أنه مسح برأسه لكنه قطعا إنما كان المسح مقبلا، إذ لا إشكال في كونه راجحا، فلا معنى لتركه من النبي (صلى الله عليه وآله) وارتكاب المرجوح، بل الظاهر منها في حكايته أنه وضوؤه الذي لا زال يفعله، واستمراره على المرجوح مما يقطع بعدمه، وإلا فلو كان كذلك لوجب القول بوجوب المسح مدبرا، وهو مخالف لاجماع المسلمين، فحينئذ يكون المراد به المسح به مقبلا، فيجب التأسي به، مضافا إلى قوله (صلى الله عليه آله) (3): (إن هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به) على أنه الفرد الشائع الذي ينصرف الاطلاق إليه، وبذلك تعرف الجواب عن الاطلاقات، على أن جوازه من مذهب العامة، والرشد في خلافهم