وهي وإن كانت محل مناقشة في نحو الآية لبعض علماء الطائفة، لعدم الدليل عليها بالكلية، ودعوى الإجماع عليها مع وقوع النزاع في أمثال الآية ممنوعة، كيف لا! وهي فيها محل نزاع ومشاجرة، فمقتضى الأصل الرجوع فيها إلى القاعدة بأن يرجع القيود إلى الجملة الأولة إذا كان إطلاق الحكم أو عمومه فيها منافيا لنحو أصالة البراءة، لا لأصالة الحقيقة في الرجوع إليها، كما عن الشافعية، بل لأصالة البراءة والشك في التخصيص باحتمال الرجوع إلى الأولة، وينعكس الحكم بعكس القضية، فترجع القيود إلى الأخيرة خاصة، وتبقى الأولة، على عمومها، لا لأصالة الرجوع إليها، كما عن أبي حنيفة، بل لموافقتها أصالة البراءة، كما هو مفروض القضية. واحتمال الرجوع إليها في التخصيص غير كاف بالبديهة.
وهو وإن كان في غاية القوة، إلا أنه غير آت في هذه الآية، لتعين الرجوع فيها إلى الأخيرة، من جهة كون " من " مع الأولى بيانية، ومع الثاني ابتدائية، والمشترك لا يستعمل في معنييه معا، كما صرح به عن أرباب الأصول جماعة، مع أن الخبرين إذا اختلفا لم يتحد نعتهما، وصرح به أيضا طائفة كالزجاج (1) وغيره من أهل العربية، مع نقلهم ذلك عن النحاة كافة، مضافا إلى دلالة المعتبرة هنا على الرجوع إلى الأخيرة، وظاهرها كونه قاعدة كلية جارية في مضاهيات الآية.
فروى العياشي في تفسيره عن أبي حمزة عن مولانا الباقر (عليه السلام) أنه سأله عن رجل تزوج امرأة وطلقها قبل أن يدخل بها أتحل ابنتها قال: فقال: قد قضى في هذا أمير المؤمنين (عليه السلام) لا بأس به أن الله تعالى يقول: " وربائبكم اللآتي في حجوركم من نسائكم اللآتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم