فتقسيم صاحب الكفاية رحمه الله وإن كان حسنا - من حيث كونه ثنائيا ولا يرد عليه إشكال عدم دخل الشك والظن في الرجوع إلى الامارات والأصول - إلا أنه مورد له من هذه الجهة التي ذكرناه.
والجواب عنه بأن كونه قدس سره في مقام بيان الحالات الطارئة على الانسان، مطلقا خلاف الظاهر، بل الظاهر أنه قدس سره في مقام بيان الحالات التي باختلافها تختلف الاحكام، فتأمل جيدا.
وعن بعض الأعاظم قدس سره (1) - في مقام رفع الاشكال عن الشيخ رحمه الله - أن المكلف إما أن تحصل له حالة لا يمكن معها عدم تنجز الحكم قطعا أو لا يمكن تنجزه قطعا أو يكون محتملا الامرين.
وبعبارة أخرى: الحالة الحاصلة إما كاشفة تامة أو غير كاشفة تامة أو كاشفة ناقصة.
فالأولى هي القطع، والثانية هي الشك، والثالثة هي الظن، فلا إشكال على الشيخ رحمه الله في مقام التقسيم.
وفيه: (أولا) أن الحالة الظنية لا دخل لها في الاحكام الثابتة للظان، بل المناط عدم العلم، سواء كان ظانا أو شاكا.
(وثانيا) عدم إمكان كون الشك منجزا مطلقا ممنوع، فإن الشك في الشبهة الحكمية وفي التخصيص قبل الفحص، بل في مطلق المعارض قبله منجز للواقع، بمعنى أنه لو ترك وصادف الواقع كان التارك مستحقا للعقوبة عقلا، وكذا الاستصحاب منجز للواقع شرعا على الأصح، كما سيأتي إن شاء الله في محله من كون حجيته من باب التعبد.
والحاصل مما ذكرنا آنفا: أن جعل الظن مقابلا للشك غير جيد، بل المتعين جعل التقسيم ثنائيا كما أن جعل القواعد الأربعة قسيما للقطع لا يخلو من إشكال.