المحكم في أصول الفقه - آية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم - ج ٢ - الصفحة ٣٩٠
كما يتعين حينئذ تقدم النهى، لان ملاكه تعييني فلا يزاحم بملاك الامر التخييري بالفرض، بلا حاجة إلى جهة أخرى تقتضي ترجيحه، لان ذلك انما يحتاج إليه في موارد التعارض بين الدليلين، دون موارد التزاحم بين الحكمين التي تقدم أن المقام منها.
لكن يظهر من جملة من كلماتهم أنه بناء على تعلق الاحكام بالعناوين كما تقدم منا لا يلزم من عموم موضوع الحكمين معا للمجمع اجتماع الضدين.
أما في مقام البعث والزجر فلتعدد المتعلق، وهو العنوان، وأما في مقام الإطاعة والعصيان بالفرد فلسقوط أحدهما بالإطاعة والاخر بالعصيان، من دون أن يلزم اجتماعهما في واحد، على ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره.
ومن ثم ذهب إلى جواز الاجتماع بعض المحققين وتبعه بعض المعاصرين.
حيث قال في أصوله: (وإذا جمع المكلف بينهما صدفة بسوء اختياره فان ذلك لا يجعل الفعل الواحد... متعلقا للايجاب والتحريم الا بالعرض، وليس ذلك بمحال، فان المحال انما هو أن يكون الشئ الواحد بذاته متعلقا للايجاب والتحريم. وعليه فيصح أن يقع الفعل الواحد امتثالا للامر من جهة باعتبار انطباق المأمور به عليه وعصيانا للنهي من جهة أخرى باعتبار انطباق عنوان المنهى عنه.
وفيه: أن منشأ تضاد الاحكام كما سبق ليس الا اختلاف مقتضياتها في مقام العمل، وحيث كان متعلق العمل هو الفرد لزم التضاد بينها بلحاظ اختلاف نحو العمل المتعلق به من حيثية كل منها ولا أثر لتعدد العنوان في ذلك.
ومن ثم لا اشكال بعد ملاحظة المرتكزات العرفية في أن امتناع اجتماع الحكمين مع التطابق بين العنوانين وكون النسخة بينهما التساوي ليس لخصوص محذور التكليف بما لا يطاق، لعموم الامتناع لما إذا أمكن الجمع بين الحكمين
(٣٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 ... » »»
الفهرست