يطابق متعلقه المحصل للغرض منه، فإنه لا ينافي ترتب العقاب عليه من حيث إنه موجب لسقوط النهى باتيان ما يناقض متعلقه المنافى لغرضه منه.
بل هكذا حال القرب والبعد الناشئين من التخلق بالأخلاق الفاضلة أو الرذيلة، فإنه بواسطة التخلق بالخلق الفاضل له التشبه بالمبدأ الكامل، فهو قريب من هذا الوجه، وان كان بواسطة التخلق بخلق رذيل بعيد منه من ذلك الوجه).
ويشكل: بأن التقرب المعتبر في العبادة ليس بمعنى القرب المكاني ليمتنع اجتماعه مع البعد في وقت واحد، ولو مع تعدد الفعل، ولا بمعنى موافقة التكليف والغرض، ليمكن اجتماعه مع البعد ولو مع وحدة الفعل، بل بمعنى وقوع الفعل في طريق المولى ولأجله في حسابه بحيث يكون مظهرا للخضوع له ولعبادته والفناء فيه والانقياد له، وذلك لا يمكن مع وقوع الفعل ونفسه على وجه العصيان للمولى والتمرد عليه والخروج عن مقتضى مولويته، وان أمكن ذلك بالإضافة إلى فعل آخر مباين له ولو مع وحد ة الزمان.
ومنه يظهر الحال في استحقاق العقاب والثواب، فإنهما تابعان البعد والقرب بالمعنى المذكور، لا لمجرد موافقة التكليف والغرض ومخالفتهما، ليمكن اجتماعهما بالإضافة إلى الفعل الواحد.
وأما ما ذكره أخيرا من قياس القرب والبعد الحاصلين بالتخلق بالأخلاق الفاضلة والرذيلة بما نحن فيه.
فهو كما ترى إذ ليس القرب والبعد فيهما الا بمعنى المشابهة والمباينة اللذين هما من الأمور الإضافية المختلفة باختلاف جهتي الشبه والمباينة. على أن الخلق الفاضل مباين للرذيلة ماهية ومظهرا في مقام العمل، فلا ينفع الاستشهاد بهما في المقام.
وبالجملة: لا ينبغي التأمل في امتناع التقرب بالفعل الواحد إذا كان معصية مبعدا. واختلاف العنوان أو تعدد الغرض لا ينفع مع وحدة الفعل.