وقد أنكر بعض المحققين قدس سره الأول، مدعيا أن ايصال المقدمة منتزع من بلوغها إلى حيث يمتنع انفكاكها عن ذيها، فهو ملازم لترتب الواجب، لا أنه منتزع منه.
ولا يخفى أن عنوان الايصال لم يؤخذ بنفسه في موضوع دليل لفظي، ليهتم بتحديد مفهومه ومنشأ انتزاعه، وانما وقع التعبير به في كلام الفصول في مقام تحديد الواجب من المقدمة، فلو فرض تمامية المحاذير المتقدمة أمكن التخلص منها بالمنع من أخذ الايصال بالمعنى المنتزع من ترتب ذي المقدمة والالتزام بأن المأخوذ هو الايصال بالمعنى المنتزع مما ذكره قدس سره أو نحوه مما لا يستلزم المحاذير المذكورة، عملا بما تقدم من الأدلة على عدم وجوب مطلق المقدمة وان لم تكن موصلة.
بل يمكن انكار الامر الثاني رأسا وهو ابتناء اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة على أخذ عنوان الايصال قيدا في المقدمة الواجبة بالالتزام بأن الواجب هو الفرد الموصل بذاته لا بقيده كما جرى عليه بعض الأعيان المحققين قدس سره - وليس ذكر الايصال الا للإشارة إلى الفرد المذكور، الذي هو مورد الغرض، فهو عنوان تعليلي كعنوان المقدمة، لا تقييدي.
وكلام الفصول لا يأبى الحمل على ذلك وان نسب إليه الالتزام بالتقييد، لعدم ظهور كلامه في التوجه لهذه الجهة، والتقييد - لو فرض منه التعبير به أو بما يرجع إليه - أعم من دخل القيد في موضوع الحكم، بل قد يراد به مجرد اختصاص متعلق الوجوب بالموصل، الذي يظهر منه قدس سره أنه المهم في المقام.
وأما ما ذكره بعض السادة المعاصرين قدس سره من أن تحصص الطبيعة انما يكون بواسطة تقييدها بقيد، فالحصة هي الطبيعة المقيدة بقيد، بحيث يكون التقييد داخلا والقيد خارجا، ومع قطع النظر عن القيد والتقييد لا حصة في البين.
فهو لا يخلو عن غموض.