ومن هنا التبس الامر على غير واحد فادعى تخصيص عموم لعن بنى أمية بغير المؤمن، وعموم اكرام الجيران بغير الأعداء، ونحو ذلك، مع الغفلة عن أن مورد التخصيص في ذلك هو الافراد، دون العناوين، على ما تقدم توضيحه في التفصيل الثاني.
ثانيهما: ما إذا كان العنوان انتزاعيا متفرعا على ثبوت الحكم لموضوعه، على ما أطال الكلام فيه في التقريرات، حيث لا مجال مع ذلك لان يكون بنفسه دخيلا في متعلق الحكم المذكور، كعنوان الصحيح والفاسد المجزى والمشروع وغيرها مما ينتزع من مطابقة الفعل للتشريع وعدمها، وان غفل عن ذلك غير واحد. فقد تقدم في أوائل مبحث الصحيح والأعم التعرض لتوهم بعضهم تقييد اطلاقات التشريع بناء على الأعم بالصحيح، وأنه يمتنع لأجل ذلك التمسك بها مع الشك في الصحة، وتكرر نظيره من صاحب الحدائق.
وقد سبق دفعه بما ذكرناه هنا من امتناع التقييد بالصحيح، بل مقتضى الاطلاق صحة كل ما يحتمل فساده ما لم يدل الدليل على عدم مشروعيته يخصوصيته تقييدا لاطلاق دليل المشروعية.
نعم، يمكن أخذها قيدا في غير أدلة التشريع مما يتضمن ترتيب الآثار على المسميات، كتقييد ما تضمن أن تزويج البنت محرم لأمها بالتزويج الصحيح - لو قلنا بأن المسمى هو الأعم - لعدم لزوم محذور أخذ المتأخر في المتقدم منه، لان العنوان المذكور متأخر رتبة عن تشريع العقد وتنفيذه ومنتزع منه، لا عن ترتب الآثار الاخر عليه، كما لعله ظاهر.
ثم انه يترتب على عدم أخذ العنوان طرفا للتخصيص أنه لا مجال لاحراز دخول الفرد في التخصيص أو خروجه عنه بالأصل المحرز للعنوان أو لعدمه، بل لابد من احرازه بطريق آخر، ولو كان هو العموم نفسه لو كان صالحا لاثباته، على ما تقدم تقريبه في بعض الموارد أو كان هو الأصل المحرز المنشأ انتزاعه