القضية الحقيقية التي ذكرنا عدم دلالة العموم معها على نفى العنوان المنافى، بل على عدم منافاة أي عنوان يفرض.
هذا، ولو غض النظر عن ذلك، وسلم ما ذكره من دلالة العام على عدم وجود المنافى في أفراده، ومنافاة الخاص اللفظي له دون اللبي، لاشكل الاستدلال بذلك على التفصيل المذكور..
تارة: بأن ظهور الخاص اللفظي في وجود المنافى بين أفراد العام حيث كان لدفع محذور العبث واللغوية فهو مختص بما إذا كان الخاص أخص مطلقا، دون ما لو كان أخص من وجه وفرض تقديمه على العام إذ يكفي في رفع اللغوية حينئذ وجوده في الافراد الاخر الخارجة عن العام، فلا يعارض العام في الدلالة على عدم وجوده في أفراده، مع عدم الفرق عندهم ظاهرا بين نوعي الخاص المذكورين في محل الكلام.
وأخرى: بأن دلالة الخاص المطلق على وجود المنافى بين أفراده لما كان بمعنى وجوده فيها في الجملة، لا في تمامها، تعين الاقتصار فيه على المتيقن، ولم يرفع به اليد عن حجية العام في الدلالة على عدم وجود المنافى بالإضافة إلى الفرد المشتبه لو زاد على المتيقن. ولو فرض عدم التفكيك في حجية العام بين الافراد، لابتنائها على الارتباطية فلا وجه لتقديم الخاص على العام في الدلالة على وجود المنافى بين أفراده، لاستحكام التعارض بينهما حينئذ بعد امتناع الجمع العرفي بالتخصيص.
على أنه لو سلم تقديم الخاص حينئذ وسقوط الخاص رأسا عن الحجية لزم رفع اليد عن العام في الدلالة على عدم وجود المنافى بين أفراده لو علم بوجود المنافى فيها في الجملة، ولو كان المخصص لبيا، واختص هذا الوجه بما إذا لم يعلم بوجود عنوان الخاص اللبي أصلا في أفراد العام.
وثالثة: بأن لازم ذلك عدم الرجوع في المخصص اللبي للأصل