وبعبارة أخرى إما أن يجمع بين النهى الواقعي والإباحة الظاهرية، بحمل النهى الواقعي على النهى الشأني الذي لا ينافي جعل حكم فعلى على خلافه، أو يقال بعدم التنافي بينهما، لترتب موضوعهما.
وعلى أي حال لا تفاوت بين الترخيص والامر [182]. وهذا واضح جدا (وأما القسم الثاني) فالأقرب فيه صحة العبادة أيضا لوجهين:
(أحدهما) - أن يقال إن الامر وإن امتنع تعلقه بهذا الفرد - لكونه منهيا عنه في الواقع - إلا أنه لا تتوقف صحة العبادة على الامر، بل يكفي فيها وجود الجهة، كما مر في باب الضد. ولا اشكال في وجود الجهة، لان النزاع مبنى على الفراغ منها.
إن قلت فعلى هذا ينبغي أن يحكم بالصحة في مورد العلم بالحرمة أيضا، لان الجهة موجودة فيه.
قلت: الوجه - في عدم الحكم بالصحة فيما إذا علم بالحرمة - هو ان الجهة لا تؤثر في قرب الفاعل، لوجود الجهة المبعدة، بخلاف ما نحن
____________________
[182] لا يقال: إنه وإن لم يكن تفاوت بينهما من حيث التزاحم والتضاد، لكن من أين يستكشف الامر، حيث لا اطلاق له يشمل صورة التزاحم، لأنها من حالات الحكم، والاطلاق لا يتعرض الا لحالات الموضوع. ولا فرق في ذلك بين كون المزاحم فعليا أو شأنيا؟
فإنه يقال: إن الاطلاق وان لم يشمل تلك الحالة، لكن العقل - بعد العلم بتحقق الجهة وعدم المانع للامر - يحكم بفعليته، والجهة موجودة بالفرض، والمانع ليس الا النهي، وهو ليس بفعلي، فاستكشاف الامر في المقام نظير استكشافه في الواحد المخير بين الضدين، مع عدم الأهمية، أو خصوص الأهم معها، من دون إطلاق في البين.
فإنه يقال: إن الاطلاق وان لم يشمل تلك الحالة، لكن العقل - بعد العلم بتحقق الجهة وعدم المانع للامر - يحكم بفعليته، والجهة موجودة بالفرض، والمانع ليس الا النهي، وهو ليس بفعلي، فاستكشاف الامر في المقام نظير استكشافه في الواحد المخير بين الضدين، مع عدم الأهمية، أو خصوص الأهم معها، من دون إطلاق في البين.