و (أما ثالثا) فبان الحالات التي تؤخذ في موضوع الطلب اطلاقا أو تقييدا هي ما يمكن تعلق الطلب بالموضوع معه، ويجوز كونه في تلك الحالة باعثا للمكلف نحو الفعل. وأما ما لم يكن كذلك بان لا يمكن معه أن يكون الطلب باعثا للمكلف نحو الفعل، فلا يعقل تقييد الطلب به ولا إطلاقه. أما الأول، فللزوم لغوية الطلب. وأما الثاني، فلانه تابع لا مكان التقييد. وحالتا وجود المقدمة وعدمها من قبيل الثاني، لأنه على الأول يصير الفعل واجبا، فلا يمكن تعلق الطلب به على تقدير وجوبه. وعلى الثاني يصير ممتنعا، فلا يمكن أيضا تعلق الطلب به على هذا التقدير. وبعد عدم إمكان تقييد الطلب بأحدهما، لا يمكن ملاحظة الاطلاق أيضا بالنسبة إليهما، بل الطلب متعلق بذات الفعل مع قطع النظر عنهما اطلاقا وتقييدا، وهو يقتضى ايجاد الفعل، ولو لم يوجد يستحق العقاب. وهذا واضح.
وقد ذكروا وجوها اخر غير ناهضة على المطلوب طوينا ذكرها، اقتصارا على ما هو الأهم في الباب. وهو الهادي إلى الصواب.
مقدمات الحرام (الامر التاسع) في بعض الكلام في مقدمات الحرام، وليعلم (أولا) أن الالتزام بحرمة مقدمة الحرام - بقصد التوصل إليه - ليس قولا بحرمة مقدمة الحرام، لان هذا من جزئيات مسألة التجري، فعد بعض الأساطين حرمة مقدمات الحرام بقصد التوصل إلى ذيها من باب مقدمة الحرام - واقتضاء النهى المتعلق بذيها لها - مما لم يعرف له وجه، لان الجهة المقبحة الموجودة في اتيان المقدمة بقصد التوصل إلى الحرام، ليست منوطة بوجود محرم واقعي تكون هذه المأتي بها بقصد التوصل مقدمة له، بل