لا يريدها جزما، فان ذاتها وان كانت موردا للإرادة، لكن لما كانت المطلوبية في ظرف ملاحظة باقي المقدمات معها، لم تكن كل واحدة مرادة بنحو الاطلاق، بحيث تسرى الإرادة إلى حال انفكاكها عن باقي المقدمات. وهذا الذي ذكرناه مساوق للوجدان. ولا يرد عليه ما ورد على القول باعتبار الايصال قيدا، وإن اتحد معه في الأثر.
الامر بالمسبب هل يرجع إلى السبب؟
(الامر السادس) هل أن الامر المتعلق بالمسبب يجب ارجاعه إلى السبب عقلا، أو هو حقيقة متعلق بنفس المسبب؟ والسبب إن وجب إنما يجب من باب المقدمة؟ الوجوه المتصورة في المقام ثلاثة:
(الأول) أن يقال: إن الامر بالسبب مطلقا راجع إلى السبب عقلا.
(الثاني) أن يقال: إن الامر بالمسبب متعلق بنفسه مطلقا.
(الثالث) التفصيل بين ما إذا كانت الواسطة من قبيل الآلات، مثل انكسار الخشبة المتحقق بايصال الآلة قوة الانسان إليها، وبين ما إذا لم يكن كذلك، كما لو كان في البين فاعل آخر، كما في القاء النفس إلى السبع فيتلفها، أو القاء شخص في النار فتحرقه.
احتج للأول بأن متعلق الإرادة والتكليف انما هو فعل المكلف، إذ لا معنى للامر بما ليس من فعله، والافعال المترتبة على أسباب خارجية ليست من فعله، بل هي من فعل تلك الأسباب و الوسائط، لانفكاكها عن المكلف في بعض الأحيان، كما إذا رمى سهما فمات، فأصاب زيدا بعد موت الرامي، فلو كان الفاعل هو الرامي لما جاز وجود القتل في ظرف عدم الرامي، لامتناع انفكاك المعلول عن علته زمانا، فيكشف