إذا عرفت هذا فنقول: السر - في الاخذ بصرف الوجود في موضوع الامر، والاكتفاء في مقام الامتثال بفرد واحد - هو كونه متيقنا، وعدم دلالة دليل على أزيد منه، فلو دل دليل على اعتبار أزيد، فلا تعارض بينهما، لما عرفت من أن الاخذ به انما هو من باب القدر المتيقن، وعدم ما يبين الزائد.
وحينئذ نقول: لو قال الشارع (إذا نمت فتوضأ) فمقتضى الجزاء - مع قطع النظر عن الشرط - كون موضوع الامر صرف الوجود، لما عرفت آنفا. ومقتضى السببية الفعلية المستفادة من القضية الشرطية، كون كل فرد من افراد النوم سببا فعليا، لان الأسباب العادية والمؤثرات الخارجية تكون بهذه المثابة، بمعنى أن كل طبيعة تكون في الخارج مؤثرة، يؤثر كل فرد منها. ومن هذه الجهة تحمل السببية - المستفادة من القضية الملقاة من الشارع - على ما هو المتعارف من الأسباب.
وبعبارة أخرى يفهم من القضية الشرطية أمران (أحدهما) يكون مدلولا لأداة الشرط، وهو العلية الفعلية لما جعل شرطا في القضية (ثانيهما) يكون مفهوما من القضية، من جهة ما ارتكز في أذهان أهل العرف، من الامر المتعارف، وهو كون كل وجود لهذا الشرط علة فعلية. وعلى هذا فاللازم هو الحكم بتعدد التأثير عند تعدد تلك الافراد، لأنه لو حكمنا به لم نرتكب خلافا لظاهر القضية، لما عرفت من أن الاخذ بصرف الوجود في موضوع الامر إنما كان من جهة عدم البيان، وهذا الظهور العرفي للقضية يصير بيانا له، بخلاف ما لو حكمنا بعدم تعدد التأثير، فإنه لابد حينئذ من التصرف إما في الظاهر المستفاد من أداة الشرط، بحملها على إفادة كون تاليها مقتضيا لا علة تامة، وإما في الظاهر الآخر المستفاد من العرف من غير دليل.