(ثالثها) - أن هذا القيد لا يخلو إما أن يكون له دخل في مقدمية المقدمة أولا، فعلى الأول يلزم الدور، لان الايصال عنوان ينتزع من تأثير المقدمة في وجود ذيها [126]، فيتوقف على المقدمية، فلو توقفت المقدمية على الايصال، لزم الدور. وعلى الثاني يلزم صيرورة الطلب نفسيا، لان الامر إذا تعلق بشئ لا تكون له جهة المقدمية، فلا بد من كون ذلك الامر نفسيا. ولا تخلو هذه الوجوه من نظر.
(أما الأول) فلان لزوم كون امتثال الامر المقدمي - بعد الاتيان بذى المقدمة - لا مانع له عقلا، وليس ما ذكر الا مجرد استبعاد. ولا يمكن جعل هذا الاستبعاد في قبال الوجدان الذي يدعيه القائل.
و (اما الثاني) فلان كون الامتثال منوطا باتيان ذي المقدمة، لا يستلزم كون الطهارة منوطة به، لا مكان ترتب الطهارة على الغسلتين والمسحتين، مع قصد التوصل، ولو لم يتوصل إلى ذي المقدمة، أو يقال أنه يشترط مع القصد المذكور كون الفعل بحيث تترتب عليه الصلاة في علم الله تعالى.
____________________
[126] قد يقال: إن عنوان الايصال ينتزع من نفس المقدمة، بملاحظة بلوغها إلى حد يترتب عليها ذوها، ولا ينفك عنها، وهو ملازم لذي المقدمة، ولا ينتزع من تأثير المقدمة حتى يلزم التأخر والدور، لكن ذلك لا يؤثر في دفع الاشكال، لان العنوان - على الفرض - ينتزع من ذات المقدمة بما هي مقدمة، بملاحظة بلوغها إلى الحد المذكور، والمفروض توقف المقدمية على العنوان المذكور، فيلزم الدور.