وفيه امكان اختيار الشق الأول، والالتزام بأن ما هو مفهوم لفظ الناطق ليس بفصل حقيقة، إما بتجريد المفهوم عن الذات، ثم جعله فصلا للانسان وإما بأن ما هو فصل حقيقة غير معلوم وإنما جعل هذا مكان الفصل. لكونه من خواص الانسان، فعلى هذا لا بأس بأخذ مفهوم الشئ مجردا عن الوصف، بل هو مقيد بالوصف وعليه فلا يلزم انقلاب مادة الامكان الخاص ضرورة، ضرورة أن كون زيد زيدا المتصف بالضرب ليس ضروريا، غاية ما يمكن ان يقال في توجيه هذا الكلام أن القضايا المشتملة على الأوصاف تدل على الاخبار بوقوع تلك الأوصاف، وإن لم تكن الأوصاف المذكورة محمولة في القضية مثلا لو قلت أكرمت اليوم زيدا العالم تدل القضية على حكايتين: (إحداهما) حكاية أن زيدا عالم و (الأخرى) حكاية إكرامك إياه. وعلى هذا فقولك: زيد ضارب لو كان معناه زيد زيد المتصف بالضرب، فيدل هذا القول على اخبار اتصاف زيد بالضرب، وعلى أن زيدا المتصف بالضرب زيد. ولا اشكال في أن الاخبار الثاني بديهي، وان كان الأول ليس كذلك فالقضية بناءا على هذا تشتمل على قضية ضرورية، وقضية ممكنة، مع أنه لا شبهة لاحد في أن قولنا زيد ضارب لا يفيد أمرا ضروريا.
وفيه ان اشتمال القضية المشتملة على الأوصاف على حكايتها انما هو بانحلال النسبة التامة الموجودة فيها، لا انها مركبة من قضيتين أو قضايا، وتلك النسبة الواحدة ينظر فيها، فان كانت مثبتة لأمر ضروري،
____________________
وبعبارة أخرى: المغايرة المعتبرة بين الذات والمبدأ هي المغايرة المفهومية للمصداقية.