ونظير ما ذكرنا هنا - من استقرار الظهور العرفي بمجرد عدم ذكر القيد في الكلام، وان لم يحرز كون المتكلم في مقام البيان - القضايا المسورة بلفظ الكل وأمثالها، فان تلك الألفاظ موضوعة لبيان عموم افراد مدخولها، سواء كان مطلقا أم مقيدا، ففي قضية (أكرم كل رجل عالم)، و (أكرم كل رجل) لفظ الكل مفيد لمعنى واحد، وهو عموم افراد ما تعلق به وما دخل عليه، غاية الامر مدخوله في الأولى الطبيعة المقيدة، وفي الثانية المطلقة، فالتقيد في الرجل الذي هو مدخول الكل ليس تصرفا في لفظ الكل. وهذا واضح، لكنه مع ذلك لو سمعنا من المتكلم (أكرم كل رجل) لا نرى من أنفسنا في الحكم بالعموم في افراد الرجل الاحتياج إلى مقدمات الحكمة في لفظ الرجل، بحيث لولاها نتوقف في أن المراد من القضية المذكورة اكرام جميع افراد الرجل، أو جميع افراد الصنف الخاص منه، ولا يبعد أن يكون نظير ذلك حمل الوجوب على النفسي والتعييني عند احتمال كونه غيريا أو تخييريا، فان عدم اشتمال القضية على ما يفيد كون وجوبه لملاحظة الغير، وكذا على ما يكون طرفا للفعل الواجب، يوجب استقرار ظهورها في كون الوجوب نفسيا تعيينيا، فلا يحتاج إلى
____________________
العقاب، هذا على المختار من تحقق الحالة الموجودة في النفس في جميع الأقسام واحتياج بعض الأقسام إلى قيد، واما على الفرق بين الوجوب والندب بالشدة والضعف واحتياج الوجوب إلى الحجة على الإرادة الشديدة، فالعلم بالإرادة المرددة بين الضعيفة والشديدة ليس حجة على خصوص الشديدة منها، ومقتضى الأصل البراءة، لكن المبنى غير سديد.