من صيرورة الامر المتعلق به محركا للغير لايجاد ذلك الفعل، مراعاة لصديقه واستخلاصه من المحذورات المترتبة على ذلك الامر: من العقاب والبعد عن ساحة المولى. وهذا واضح ومنه يظهر عدم الاشكال فيما إذا لم يكن امر في البين، كما في النيابة عن الميت، ضرورة امكان فعل ذلك لحصول اغراض المولى المترتبة على الفعل، ليستريح الميت من العقاب المترتب على فوتها وهذا لا اشكال فيه.
انما الاشكال في المانع الثاني، وهو صيرورة هذا الفعل مقربا للغير عقلا، إذ لو لم يكن كذلك لم يسقط غرض الامر، فلم يسقط عنه العقاب. وهذا الاشكال يسرى في المقام الأول أيضا إذ بعد ما لم يكن فعله مقربا للغير ولم يسقط غرض الآمر عنه، لا يعقل كون مراعاته سببا لايجاد ذلك الفعل.
ويمكن التفصي عنه بأن يقال إنه بعد فرض انحصار جهة الاشكال في حصول القرب يكفي في حصوله رضا المنوب عنه بحصول الفعل من النائب، كما أنه قد يؤيد ذلك ببعض الأخبار الواردة في (أن من رضي بعمل قوم أشرك معهم (1)) وهذا المقدار من القرب يكفي في عبادية العبادة، بل يمكن أن يقال بعدم الفرق عقلا بين الفعل الصادر من الانسان بنفسه، وبين الصادر من نائبه في حصول القرب، لأنه بعد حصول هذا الفعل من النائب لابد وأن يكون المنوب عنه ممنونا منه ومتواضعا له، من جهة استخلاصه من تبعات الامر المتعلق به وهذه الممنونية تصير منشأ لقربه عند المولى، لان أمره صار سببا لها.
وفيه ان الرضا والممنونية يتفرعان على كون الفعل الصادر من النائب مقربا له، إذ لولاه لم يكن وجه لهما، ولو توقف القرب عليهما لزم