هذا ولكن لا يخفى أن هذا إنما يصح فيما إذا كانت الواسطة من قبيل الآلة. وأما إذا كان هناك فاعل آخر يصدر عنه الفعل، فلا يمكن القول باتحاد الفعل الصادر عنه مع الفعل الصادر عن الفاعل الأول وهذا واضح.
وقد يجاب أيضا عن أصل الدليل: بانا لا نسلم لزوم تعلق الإرادة بالفعل الصادر عن الفاعل، بل يكفي في قابلية تعلق الحكم بشئ كونه مستندا إلى المكلف بنحو من الاستناد، سواء كان بنحو الفاعلية، أم بنحو تأثير الشرط في وجود المشروط، أم غير ذلك.
وبعبارة أخرى الكلام في المقام إنما هو في أن متعلق الإرادة بحسب حكم العقل ماذا؟ فنقول: ما يقطع العقل باعتباره في متعلق الطلب، هو ارتباط المطلوب بالمكلف بنحو من أنحاء الارتباط، فخرج به ما ليس للمكلف تأثير فيه بنحو من الأنحاء. وأما لو كان له ربط بالمكلف بوجه، بحيث يكون وجوده منوطا باختياره، بحيث لو شاء يوجد ولو لم يشأ لم يوجد، فنمنع استحالة تعلق التكليف به عقلا.
وفيه انه لو أراد أن التكليف - فيما ليس بيد المكلف إلا ايجاد شرطه كالاحراق بالنار مثلا - متعلق بما هو شأن الواسطة، كما إذا تعلق التكليف بما هو شأن النار في المثال، فهذا غير معقول، وإن أراد أن التكليف متعلق بما هو شأن المكلف، فهو راجع إلى الامر بايجاد الواسطة.
توضيح المقام على وجه يرفع الابهام عن وجه المرام: أن الاعراض باعتبار النسبة إلى محالها تختلف (فتارة) تكون نسبتها إليها بمجرد كونها حالة بها، من دون أن تكون صادرة عن محالها، كالموت والحياة والسواد والبياض، و (أخرى) تكون نسبتها إليها من جهة انها صادرة عنها، كالضرب والقيام. أما ما كان من قبيل الأول، فلا اشكال في عدم قابلية