إذا عرفت ذلك فلنشرع فيما هو المقصود من ذكر حجج المجوزين والمانعين، فنقول وعلى الله التوكل: أحسن ما قيل في تقريب احتجاج المجوزين، هو أن المقتضى موجود والمانع مفقود. أما الأول فلما عرفت من أن فرض الكلام ليس الا فيما يكون المقتضى موجودا. وأما الثاني، فلان المانع ليس الا ما تخيله الخصم، من لزوم اجتماع المتضادين من الحكمين، والحب والبغض والمصلحة والمفسدة في شئ واحد، وليس كما زعمه.
وتوضيحه يحتاج إلى مقدمة، وهي أن الاعراض على ثلاثة اقسام:
(منها) ما يكون عروضه واتصاف المحل به في الخارج كالحرارة العارضة للنار، والبرودة العارضة للماء، وأمثالهما من الاعراض القائمة بالمحال في الخارج.
و (منها) ما يكون عروضه في الذهن واتصاف المحل به في الخارج، كالأبوة والبنوة والفوقية والتحتية وأمثالها [163].
____________________
والنهى وهو الاكرام، لا اخذ العالم مفروض الوجود فيهما. ولا فرق فيما ذكرنا بين (أكرم العالم ولا تكرم الفساق) أو (أكرم العلماء ولا تكرم الفساق) لان الاكرام المحبوب بذاته لا يمكن ان يتصف بالمبغوضية، مع قيد من القيود، من غير فرق بين أخذه بنحو الاستغراق أو العام البدلي فتأمل.
[163] يعني أن أصل الصفة شئ يدركه العقل، وليس بإزائه في الخارج
[163] يعني أن أصل الصفة شئ يدركه العقل، وليس بإزائه في الخارج