أما المقام الثالث فالذي يمكن أن يحتج به - على كون متعلق التكاليف هو الافراد على المعنى الأول - أمران: (أحدهما) - عدم كون الطبيعة موجودة في الخارج، وإنما الوجود مختص بافرادها، وليس لها حظ من الوجود، بناءا على عدم وجود الكلى الطبيعي في الخارج، كما ذهب إليه بعضهم و (ثانيها) - ان المقدور ليس إلا الفرد، ولا يمكن الطلب بغير المقدور. (أما الثاني) فواضح و (أما الأول) فلان الطبيعة - مجردة عن الخصوصيات وانضمام الأمور الخارجية - لا يمكن ان تتحقق في الخارج، فلو أراد ايجادها، فاللازم ايجاد الفرد مقدمة، حتى تتحقق الطبيعة في ضمنه [156].
والجواب عن الأول بالمنع عن الأصل المذكور - أعني امتناع وجود الكلى الطبيعي في الخارج - بل نقول: عند التحقيق يمتنع إضافة الوجود في الخارج الا إليه، بداهة أن الفرد المتشخص الموجود في الخارج - الذي هو مجمع الحيثيات والعناوين - كالجسمية والحيوانية والناطقية، وأنه طويل أو قصير أو ذو لون كذا - لو جرد النظر فيه عن هذه الحيثيات، لم يبق شئ حتى يكون الوجود مضافا إليه، فعلم أن فردية الفرد لا تتحقق الا بعد اجتماع هذه الحيثيات المتعددة في الوجود [157].
____________________
[156] لا يخفى مغايرة الدليل للمدعى، لان المدعى انكار وجود الطبيعة في الخارج رأسا، والدليل ينفي استقلال وجودها ويثبتها ضمنا.
[157] وبعبارة أخرى: الفرد هو الطبيعة الموجودة، فلو لم يكن ما يتعلق به الوجود فلا فرد أيضا، هذا على أصالة الماهية واما على أصالة الوجود فلا حقيقة لغير
[157] وبعبارة أخرى: الفرد هو الطبيعة الموجودة، فلو لم يكن ما يتعلق به الوجود فلا فرد أيضا، هذا على أصالة الماهية واما على أصالة الوجود فلا حقيقة لغير