موجودتين بوجود واحد، وهي الحركة الشخصية المتحققة في الدار المغصوبة، إلا أنه ليس متعلق الأمر والنهي الطبائع الموجودة في الخارج، لما عرفت من لزوم تحصيل الحاصل، بل هي بوجوداتها الذهنية. ولا شك أن طبيعة الصلاة في الذهن غير طبيعة الغصب كذلك، فلا يلزم من وجود الأمر والنهي حينئذ اجتماعهما في محل واحد.
فان قلت: لا معنى لتعلق الطلب بالطبايع الموجودة في الذهن، لأنها ان قيدت بما هي في ذهن الآمر، فلا يتمكن المكلف من الامتثال، وان قيدت بما هي في ذهن المأمور، لزم حصول الامتثال بتصورها في الذهن، ولا يجب ايجادها في الخارج. وهو معلوم البطلان.
قلت: نظير هذا الاشكال يجرى في عروض الكلية للمهيات، لأنه بعد ما فرضنا أن الماهية الخارجية لا تقبل ان تتصف بالكلية، وكذا المهية من حيث هي، لأنها ليست إلا هي، فينحصر معروض الكلية في الماهية الموجودة في الذهن، فيتوجه الاشكال بأنه كيف يمكن أن تتصف بالكلية، مع أنها من الجزئيات، ولا تنطبق على الافراد الخارجية، ضرورة اعتبار الاتحاد في الحمل. ولا اتحاد بين الماهية المقيدة بالوجود الذهني وبين الافراد الخارجية.
وحل هذا الاشكال في كلا المقامين أنه بعد ما فرضنا أن الماهية - من حيث هي مع قطع النظر عن اعتبار الوجود - ليست الا هي، ولا تتصف بالكلية والجزئية ولا بشئ من الأشياء، فلابد من القول بأن اتصافها بوصف من الأوصاف يتوقف على الوجود، وذلك الوجود قد يكون وجودا خارجيا، كما في اتصاف الماء والنار بالبرودة والحرارة، وقد يكون وجودا ذهنيا، لكن لامن حيث ملاحظة كونه كذلك، بل من حيث كونه حاكيا عن الخارج، مثلا ماهية الانسان تلاحظ في الذهن،