(المقدمة الثانية) - أن الإرادة المبتنية على تقدير امر في الخارج، لا يعقل ان تقتضي ايجاد متعلقها على الاطلاق، أي سواء تحقق ذلك المقدر أم لا، والا خرجت عن كونها مشروطة بوجود شئ، فمتى ترك الفعل بترك الامر المقدر، لا يوجب مخالفة لمقتضى الإرادة. نعم المخالفة إنما تتحقق فيما إذا ترك مع وجود ذلك المقدر، وهذه المقدمة في الوضوح بمثابة لا تحتاج إلى برهان.
(المقدمة الثالثة) - أن الإرادة المتعلقة بشئ من الأشياء لا يقدح في وجودها كون المأمور بحيث يترك في الواقع أو يفعل [147]، إذ لا مدخلية لهذين الكونين في قدرة المكلف، فالإرادة - مع كل من هذين الكونين - موجودة، ولكن لا يمكن أن يلاحظ الآمر كلا من تقديري الفعل والترك في المأمور به، لا اطلاقا ولا تقييدا. أما الثاني فواضح، لان إرادة الفعل على تقدير الترك طلب المحال، وإرادة الفعل على تقدير الفعل طلب الحاصل. وأما الأول، فلان ملاحظة الاطلاق فرع امكان التقييد، وحيث يستحيل الثاني يستحيل الأول، فالإرادة تقتضي ايجاد ذات
____________________
[147] والحاصل أن إرادة الشئ لا تنقدح في لحاظ وجود الشئ أو عدمه، بل يشترط في انقداحها لحاظ الشئ في حال عدمه مجردا عن لحاظ كل واحد من الوجود والعدم، ومثل تلك الإرادة غير مؤثرة في امتثال الفعل مع أحد القيدين.