و (منها) - ما حكى عن المحقق المذكور أيضا، وهو أنها لو لم تكن واجبة لزم ان لا يستحق تارك الفعل العقاب أصلا. وبيانه: أن المريد للشئ إذا تصور أحوالا مختلفة يمكن وقوع كل واحد منها، فاما أن يريد الاتيان بذلك على أي تقدير من تلك التقادير، أو يريد الاتيان به على بعض تلك التقادير. وهذا مما لا اشكال فيه.
وحينئذ نقول إذا امر أحد بالاتيان بالواجب في زمانه، وفي ذلك الزمان يمكن وجود المقدمات ويمكن عدمها، فاما ان يريد الاتيان به على أي تقدير من تقديري الوجود والعدم، فيكون في قوة قولنا: ان وجدت المقدمة فافعل، وان عدمت فافعل. وإما أن يريد الاتيان به على تقدير الوجود. والأول محال، لأنه يستلزم التكليف بما لا يطاق، فثبت الثاني، فيكون وجوبه مقيدا بحضور المقدمة، فلا يكون تاركه بترك المقدمة مستحقا للعقاب، لفقدان شرط الوجوب. والمفروض عدم وجوب المقدمة، فينتفى استحقاق العقاب رأسا.
والجواب (أما أولا) فبأنه لو تم ما ذكره هنا، لزم أن لا يقع الكذب في الاخبار المستقبلة [135].
(بيان الملازمة) أنه لو أخبر المخبر بأني غدا اشترى اللحم، فعلى تقدير
____________________
[135] الظاهر عدم لزوم ذلك على القائل بالملازمة، لان القائل بها يلتزم بان الاخبار بذي المقدمة اخبار بالمقدمة، وانما هو اشكال آخر على القائل بعدم الملازمة.