واما ما وقع بمقتضى النظر في أدلتها، فالظاهر أن المأتى به في حال الاضطرار لو وقع مطابقا لمقتضى الامر، يسقط الإعادة ثانيا، فان ظاهر أدلتها ان المعنى الواحد يحصل من المختار باتيان التام، ومن المضطر باتيان الناقص [80]. نعم في كون موضوع تكليف المضطر هو الاضطرار
____________________
[80] وذلك لظهور الأدلة في تقسيم المكلفين بصرف الوجود إلى القادر والعاجز والواجد والفاقد مثل ان لم تجدوا.. والتراب أحد الطهورين ورب الماء ورب التراب واحد ويكفيك التراب عشر سنين واذكروا الله قياما وقعودا بناءا على ما فسر في الاخبار من وجوب الصلاة على القادرين قياما، وعلى العاجزين قعودا وغير ذلك من أدلة الباب، فإنها ظاهرة في أن التكليف واحد، ويأتي به كل بحسب حاله، ولا يجب على مكلف واحد الاتيان بوظيفتين، لكن لا يخفى أنها وان كانت ظاهرة في عدم الوجوب ثانيا بعد ارتفاع الاضطرار، إما ان ذلك لحصول تلك المصلحة بتمامها حتى يجوز تحصيل الاضطرار للقادر والبدار للعاجز العالم بزوال عذره في الوقت، وإما لتفويت محلها حتى يحرما، ولذا يشكل الحكم بجواز تحصيل الاضطرار على من تنجز عليه تكليف التمام لتمكنه من اتيانه، لان العقل لا يجوز مخالفة التكليف المنجز، ولو بتفويت المحل بمجرد احتمال التدارك، بل يحتاج إلى المؤمن من قبل الشارع والمفروض انتفاؤه، نعم لو اجترأ وصار مضطرا يجب عليه اتيان الناقص لتحقق موضوعه، اللهم الا أن يكون في الأدلة اطلاق يشمل العجز في بعض الوقت ليرخص البدار، فيستكشف منه عدم التفويت، لاستلزامه الالقاء في المفسدة، فيجوز تحصيل الاضطرار، لكن استكشاف ذلك منها مبنى على أن لا يكون التجويز لمصلحة في الجعل فتأمل.