إذا عرفت ذلك فنقول: لو أتى المكلف بما يؤدى إليه الطريق، فان قطع باشتمال ما أتى به على المصلحة المتحققة في الواقع فهو، والا فبعد انكشاف الخلاف يجب عليه اتيان الواقع، سواء كان الشك في السقوط وعدمه مستندا إلى الشك في جهة الحكم الظاهري، أو في وفاء المصلحة المتحققة في متعلق الحكم الظاهري لتدارك ما في الواقع، بعد إحراز أن الجعل انما يكون من جهة المصلحة الموجودة في المتعلق، إذ يشترك الجميع في أن المكلف يعلم - حين انكشاف الخلاف - بثبوت تكليف عليه في الجملة، ويشك في سقوطه عنه. وهذا الشك مورد للاشتغال العقلي [85].
ومما ذكرنا يظهر لك الفرق بين المقام والمقام السابق الذي قلنا فيه بالبراءة من الإعادة والقضاء، بعد اتيان ما اقتضاه التكليف في حال الاضطرار. توضيح الفرق أن المكلف في حال الاضطرار، ليس عليه الا
____________________
[85] هذا انما يصح بناءا على فعلية الاحكام الواقعية كما هو مختار الأستاذ - دام ظله - لان المكلف يعلم فعلا بالوجوب الفعلي قبل ذلك الآن ولكن يشك في سقوطه، وأما بناءا على انشائية الاحكام فلا يستقيم، لان المكلف لا يعلم بتكليف فعلي في آن من الآنات، أما حين الجهل فانشائي بالفرض، وأما بعده فيحتمل السقوط، الا أن يقال بحكم العقل بلزوم الخروج عن عهدة تكليف كان - مع قطع النظر عن احتمال سقوط ما كان - فعليا. ولا يخفى أن القاطع بالخلاف خارج عن مسألة الاجزاء، لعدم جعل حكم في حقه حتى يقال بأن الامتثال على طبقه مجزا وغير مجز.