____________________
[68] وتقريب التمسك بها - على تقدير الحاجة إليها، بناء على ما أسلفنا - من كون الإرادة التشريعية حالة نفسانية متعلقة بفعل الغير، ويمكن التعبير عنها بتجمع النفس وبنائها على صدور الفعل المراد من المأمور وهي الباعثة لتحريك الآمر نحو الجعل والبعث - بأن يقال: ان الحالة المذكورة لو خليت ونفسها مقتضية لا يجاد الفعل وصدوره من المكلف، وينتزع - من اظهارها مجردة بدون قيد - الوجوب، كما أن الإرادة التكوينية مقتضية لا يجاد المراد وصدوره من نفس المريد بلا توسط الغير، بل لا ينفك عن تحريك عضلات المريد نحو المراد، ولذا لا يتصور فيها الندب أصلا. وان انضم إلى اظهارها الاذن في الترك ينتزع عنها الندب، لكن لا بنحو يكون الاذن في الترك عدولا عما أظهر أولا، بل بحيث يكون كل من اظهار الإرادة والاذن في الترك جزءا لمنشأ انتزاع عنوان الندب، وجزءا لهذا المقدار من التأثير المشوب بجواز الترك في المأمور، والفرق بينها وبين التكوينية هو أن التكوينية لا تنفك عن تحريك العضلات بعد تحققها، بخلاف التشريعية فإنها بعد التحقق تحتاج في تأثيرها إلى الجعل وموافقة المكلف، ولذا لا تنافي بينها وبين الاذن في الترك، حيث إن الآمر لا يراها علة تامة للفعل حتى لا تنفك عنه، فله أن يكتفي باظهارها مجردة عن الاذن في الترك حتى ينتزع منه الوجوب، وله ان يظهرها مع الاذن حتى ينتزع منه الندب، لنقصان في مصلحة المراد ولمصلحة في الاذن أقوى من مصلحته - وقد مر نظيره في اختيارية الإرادة - فلا يتوهم أن لازم ما ذكرنا كون تلك الحالة الموجودة في نفس المريد علة تامة للفعل مع قطع النظر عن معصية المكلف، لما ذكر من احتياج تأثيرها إلى وسائط منها الامر والبعث باظهار الإرادة مجردا أو مع الاذن، فعند كل منهما تؤثر نحوا من الأثر.