حرمة المخالفة القطعية مستندا إلى قصور في ناحية التكليف لا إلى عجز المكلف عنها، استلزم ذلك عدم وجوب الموافقة القطعية كما هو ظاهر، ولكنه خارج عن الفرض، إذ الكلام في عدم حرمة المخالفة القطعية المستندة إلى عجز المكلف وعدم تمكنه منها.
فاتضح مما ذكرناه أنه لا فرق تنجيز العلم الاجمالي بين كثرة الأطراف وقلتها. نعم ربما تكون كثرة الأطراف ملازمة لطرو بعض العناوين المانعة عن تنجيز العلم الاجمالي، كالعسر والحرج والخروج عن محل الابتلاء ونحو ذلك، إلا أن العبرة بتلك العناوين لا بكثرة الأطراف.
أما الكلام في المقام الثاني وهو بيان حكم الشبهة غير المحصورة، فهو أنه قد استدل على عدم وجوب الاجتناب في الشبهة غير المحصورة بوجوده:
(الأول) - ما ذكره شيخنا الأنصاري من عدم اعتناء العقلاء باحتمال التكليف إذا كان موهوما. وقد ظهر الجواب عن ذلك مما تقدم. (الثاني) - ما ذكره المحقق النائيني (ره) من أن وجوب الموافقة القطعية متفرع على حرمة المخالفة القطعية، فإذا لم تحرم الثانية لم تجب الأولى. وقد ظهر الجواب عنه أيضا بما تقدم. (الثالث) - دعوى الاجماع على عدم وجوب ذلك.
وفيه (أولا) - ان هذه المسألة من المسائل المستحدثة التي لم يتعرض لها القدماء، فكيف يمكن فبها دعوى الاجماع. و (ثانيا) - انه على فرض تحقق الاتفاق لا يكون اجمالا تعبديا كاشفا عن رأى المعصوم عليه السلام إذ علم استناد العلماء على أحد الأمور المذكورة:
(الرابع) - دعوى ان لزوم الاجتناب في الشبهة غير المحصورة مستلزم للحرج وهو منفي في الشريعة المقدسة. وفيه ما تقدم من أن دليل نفي العسر والحرج إنما يتكفل نفي الحكم عما يكون مصداقا للعسر والحرج فعلا، بمعنى